المبحث الثالث: نطاق التحكيم من حيث إلزامية اللجوء إليه بحسب قانونه

الباب الأول: نظام التحكيم

الدرس الثالث: قانون التحكيم ونطاق تطبيقه

المبحث الثالث: نطاق التحكيم من حيث إلزامية اللجوء إليه بحسب قانونه

نصت العديد من القوانين على نوع آخر من أنواع التحكيم يسمى التحكيم الإجباري، وهو تحكيم مُلزم بقوه القانون، ويميز هذا النوع من التحكيم ما يلي:

·        ـ هو الطريق الأساسي لفض المنازعات الحادثة في ولاية هذا القانون، ولا يحتاج نشوئه إلى اتفاق أطرافه؛ فهو منعقد ابتداء بقوة القانون

·        ـ هو إلزامي من ناحية اللجوء إليه بمعنى أنه لم يترك القانون لأطراف الخصومة الحرية في اختيار، أو تحديد طريق التقاضي.

صور التحكيم الإجباري

ـ التحكيم الإجباري في المنازعات «العامة» بحسب أشخاصها، إذا كان أحد أطرافها – على الأقل – شركة قطاع عام ونظام هذا التحكيم مقنن في قانون المؤسسات العامة السابق، وكذا الحالي رقم 97/1983.

ـ التحكيم الإجباري في المنازعات «العامة» بحسب أشخاصها، إذا لم يكن من أطرافها شركة قطاع عام، أي إذا كان أطرافها من فروع السلطة التنفيذية هذا التحكيم مقنن في المادة 66/د من قانون مجلس الدولة، والتي تقضي بأنه:

"تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، بإبداء الرأي في المسائل، والموضوعات الآتية: المنازعات التي تنشأ بين الوزارات، أو بين المصالح العامة، أو بين الهيئات العامة، أو بين المؤسسات العامة، أو بين الهيئات المحلية، أو بين هذه الجهات، وبعضها البعض، ويكون رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في هذه المنازعات ملزمًا للجانبين".

ـ بالتالي فإن دور تلك الجمعية العمومية هو دور «المحكم» في تحكيم إجباري.

ـ وما يصدر عنها ليس مجرد «فتوى» إنما هو حكم تحكيم إجباري، ومُلزم ومانع من عرض المنازعة على القضاء.

وفى هاتين الصورتين، فإن التحكيم الإجباري يكون مشروع.

 ـ لأنه تحكيم في منازعة «عامة» بحسب أشخاصها.

ـ لا يوجد في أطرافها أي شخص خاص، سواء كان شخصاً طبيعيًا أو كان شخصًا اعتباريًا خاصًا، وإلا كان التحكيم الإجباري غير مشروع؛ لأنه يصادر حق التقاضي المنصوص عليه في المادة 68/1 من الدستور.

قانون التحكيم السعودي

نصت المادة الثالثة من نظام التحكيم السعودي على أنه:

 " لايجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض منازعاتها مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ويجوز بقرار مجلس الوزراء تعديل هذا الحكم".

وقررت المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم أنه:

"في المنازعات التي تكون جهة حكومية طرفًا فيها مع آخرين ورأت اللجوء إلى التحكيم يجب على هذه الجهة إعداد مذكرة بشأن التحكيم في هذا النزاع مبينا فيها موضوعه، ومبررات التحكيم، وأسماء الخصوم لرفعها لرئيس مجلس الوزراء للنظر في الموافقة على التحكيم، ويجوز بقرار مسبق من رئيس مجلس الوزراء أن يرخص لهيئة حكومية في عقد معين بإنهاء المنازعات الناشئة عنه عن طريق التحكيم وفي جميع الحالات يتم إخطار مجلس الوزراء بالأحكام التي تصدر فيها".

 ومعنى ذلك أنه يتعين على الهيئات الحكومية السعودية قبل اللجوء إلى التحكيم لفض الخلافات التي تنشأ عن العقود التي تبرمها مع الغير أن تحصل على موافقة رئيس مجلس الوزراء على اللجوء إلى التحكيم.