الدرس
الأول: مفهوم
وطبيعة اتفاق التحكيم
المبحث
الثالث:
الطبيعة
الاختيارية، والاجبارية
في اتفاق التحكيم
هل
تكفي
القوانين
الداخلية، والاتفاقيات
الدولية
وحدها لإلزام
الأطراف بالالتجاء
إلى التحكيم؟
على
الرغم من أن التحكيم
كأي وسيلة لفض
المنازعات قد
قننتها
القوانين؛
فإن هذا
التقنين
بالنسبة
للقوانين
الداخلية، أو الاتفاقيات
الدولية لا
يعني
بالتأكيد أنه إجباري
على الأطراف؛
فتقنين
القوانين لا
يتعدى تحديد إجراءات
السير فيه
طبقًا لقواعد
عامة لا تتطرق
إلى إلزام الأطراف
بالالتجاء إليه.
فالتحكيم
طريق
استثنائي،
وسيظل كذلك
مهما تطور
تشريعه
فالسلطة
الطبيعية في
فض المنازعات
هي السلطة
القضائية.
فهى
السلطة
العامة التي
تتولي الفصل
في كافة
المنازعات.
وهي
السلطة
الطبيعية بمعنى
أن اللواء
ينعقد لها
أولا.
وقد
ذهب مركز
واشنطن،
وكذلك غرفة
التجارة
بباريس I. C. C، وأيدهم
بعض الفقه إلى
أن الدول
بتوقيعها على اتفاقية
حماية،
وتشجيع
الاستثمار
تُقدم إيجابًا
في اتفاق التحكيم
أمام المركز،
وحينما يطلب
المستثمر
التحكيم أمام المركز؛
فإن ذلك يعد
قبولًا على
الإيجاب
المقدم من
الدولة
الموقعة على الاتفاقية،
وبالتالي
يكون التحكيم
تم بتوافق
إرادتين مما
يعتبر اتفاقًا
على التحكيم.
لم
يلق هذا
الاتجاه قبولًا
من غالبية
الفقه
للأسباب الآتية:
إن
أساس التحكيم
بمعناه
الصحيح هو الإرادة
الحرة
للطرفين؛
فمجرد النص في
اتفاقية بين
الدول لتشجيع
الاستثمار
على أن ما ينشأ
من منازعات
يحل بطريق
التحكيم ليس
كافيًا لوجود
التحكيم، ولو
أشارت الاتفاقية
إلى مركزتحكيم
محدد، أو مراكز
محددة يتم الاختيار
بينها.
إن الاتفاقية
التي تبرم بين
الدول لا تلزم
الأطراف بالالتجاء
إلى التحكيم،
والتخلي عن الالتجاء
إلى المحكمة
المختصة إلا
بإرادتهم الحرة؛
فاتفاق الطرفين
على التحكيم
هو وحده مصدر
سلطة المحكمين.
وهذا
ما أخذت به
محكمة
إستئناف
باريس في حكمها
الصادر في 1/6/1999 ([1])
خلاصة
القول
ـ
وجود قانون
داخلي، أو اتفاقية
دولية تنظم
التحكيم في
موضوع
المنازعة لا
تجعل التحكيم
الطريق
الطبيعي، أو الإجبارى
لفض المنازعة.
ـ اتفاق
التحكيم هو
محول الطرق،
أي أنه بوجوده
ينقسم الطريق؛
فيظل طريق
القضاء
الطبيعي
موجودًا،
ولكن المحول
يغير الطريق
إلى طريق
ثانوي هو
التحكيم.
ـ
قانون البلد
لا يسرى بشأن
العلاقة
التحكيمية
إلا باتفاق الأطراف؛
فالتحكيم
طريق اتفاقي
حر، وهو بذلك
المعنى طريق
استثنائي
أيضًا.
ـ
الطبيعة
الاستثنائية
للتحكيم هى في
الواقع طبيعة
مجبرة في عدم إلزامها
أى أن القوانين،
والاتفاقيات
الدولية
مجبرة على عدم
فرضها على الأطراف؛
فتحرمهم من
حقهم في الالتجاء
إلى قاضيهم
الطبيعي، وهو
بالاتفاق قضاء
الدولة.
ولهذا
فإن اتفاق التحكيم
يظل هو الطريق
الوحيد لإلزام
الأفراد على
اللجوء إلى التحكيم.
([2])
يسقط
الاتفاق على
التحكيم،
ويصيح غير ذي
أثر بنزول
الطرفين عن الاتفاق،
وهذا النزول
قد يكون
صريحًا وقد
يكون ضمنيًا.
النزول
الصريح:
النزول
الصريح يكون بإبرام
الطرفين اتفاقًا
جديدًا يتضمن
صراحة النزول
عن اتفاق التحكيم.
النزول
يجب أن يكون
كتابة؛ فإذا
كان اتفاق التحكيم
مكتوبًا فلا
يجوز إثبات عكس
ما جاء
بالكتابة إلا
بالكتابة
يجب
أن يكون
النزول من
الطرفين؛ فلا
يكفي نزول أحد
الطرفين عن الاتفاق
يمكن
النزول عن شرط
التحكيم قبل
نشأة أي نزاع
يجب
أن يعبر الطرفان
عن إرادة النزول
صراحة وبوضوح
النزول
الضمني: وهو
يستخلص من
سلوك الطرفين
عادة
يتم الاتفاق الضمني
بأن يلجأ أحد الطرفين
إلى قضاء
الدولة؛
فيسلك الطرف الآخر
سلوكًا ينم عن
رضائه بهذا
الطريق،
وتنازله هو الآخر
عن طريق
التحكيم.
إذا
رفع أحد الطرفين
الدعوى أمام قضاء
الدولة، ولم
ينم سلوك
الطرف الآخر عن
رضائه بهذا
التنازل، فإن رفع
الدعوى لا
يمنع المدعى
عليه من البدء
في إجراءات
التحكيم، أو الاستمرار
فيها كما لا
يمنع هيئة
التحكيم من إصدار
حكم التحكيم.
لا
يعتبر رفع
الدعوى أمام قضاء
الدولة نزولًا
عن التحكيم
إلا بالنسبة
لموضوع هذه
الدعوى.
مثال:
"إذا
طلب المدعى
عليه في
الدعوى الأصلية
المقاصة
القضائية
متمسكًا بحق
يوجد بشأنه
شرط تحكيم؛
فإن للمدعي في
الدعوى
الأصلية دفع
طلب المقاصة بوجود
اتفاق تحكيم،
ولا يعتبر
رفعه الدعوى
الأصلية نزولًا
عن حقة في
التمسك بهذا
الدفع. ([3])
النزول
الضمني يكون
فقط بشأن
النزاع الذي
يشمله اتفاق التحكيم،
والذي يدخل
الفصل فيه في
ولاية هيئة
التحكيم.
من
صور التنازل
الضمني عن اتفاق
التحكيم
إبرام
الطرفين
صلحًا بشأن
النزاع محل
التحكيم؛
فيعتبر الصلح اتفاقًا
ضمنيًا على
النزول عن اتفاق
التحكيم
بالنسبة
للنزاع محل
الصلح.
ملحوظة:
الصلح
يعتبر اتفاقًا
جديدًا فإذا
قام نزاع حول
صحة الصلح، أو
تنفيذه؛ فهذا
النزاع لا
يخضع لشروط
التحكيم التي
يتضمنها
العقد الأصلي.
متى تم
النزول عن اتفاق
التحكيم فليس
لأي من
الطرفين
اللجوء إلى التحكيم،
والجمع بينه
وبين مباشرة
الدعوى أمام قضاء
الدولة؛ فإن فعل
يكون حكم
التحكيم باطلًا
لصدوره من جهة
لا ولاية لها
بالفصل في
الدعوى.