المبحث الثاني: النطاق الموضوعي للخصوم

الباب الرابع: خصومة التحكيم

الدرس الثاني: نطاق الخصومة

المبحث الثاني: النطاق الموضوعي للخصوم


الطلبات الأصلية والعارضة

يجب الالتزام بالطلبات التي يتضمنها بيان الدعوى، سواء فيما يتعلق بمحلها، أو بسببها.

علة ذلك. .

 عدم مفاجأة المدعى عليه بطلبات جديدة تقدم بعد أن يكون قد استعد للدفاع في نطاق الطلب الأصلي وحده.

فقد حرصت أغلب تشريعات التحكيم العربية على أن تجيز الطلبات العارضة.

 فأجازت للمدعى عليه تقديم طلبات مقابلة.

كما أجاز لكل من المدعي، والمدعى عليه تعديل طلباته بطلبات إضافية، بشرط أن تكون مرتبطة بموضوع النزاع المطروح على المحكمين.

 وجوب التقيد بنطاق اتفاق التحكيم:

يجب ألا تخرج طلبات الطرفين عن نطاق الاتفاق على التحكيم، شرطًا، أو مشارطة.

ويختلف الوضع بحسب ما إذا كنا بصدد مشارطة تحكيم، أو بصدد شرط تحكيم فقط.

 

مشارطة التحكيم تحدد موضوع النزاع، وتحدد أيضًا نطاق ما يقدم من طلبات؛ فلا يجوز للمحتكم أن يضيف طلبًا خارج نطاق موضوع النزاع المحدد في المشارطة.

أما شرط تحكيم فإن سلطة الطرفين تكون أوسع، إذ الشرط يشير عادة إلى جميع المنازعات التي قد تنشأ عن رابطة قانونية معينة، مما يتيح للطرفين تقديم طلبات مقابلة، أو إضافية متعلقة بهذه الرابطة.

ملحوظة:

التقيد بموضوع النزاع المحدد في المشارطة، أو في شرط التحكيم أمر لا يتعلق بالنظام العام؛ فيمكن للأطراف الاتفاق على توسيع نطاق سلطتهم في تقديم الطلبات المقابلة، أو العارضة بما يتجاوز نطاق الموضوع المحدد في المشارطة، أو الشرط.

 الطلبات المقابلة، والدفع بالمقاصة:

للمدعى عليه أن يضمن مذكرة دفاعه طلبات عارضة متصلة بموضوع النزاع.

أو أن يتمسك بحق ناشئ عنه بقصد الدفع بالمقاصة.

فيجوز

للمدعى عليه أن يتقدم بطلبات مقابلة، بشرط أن تكون متصلة أي مرتبطة بموضوع النزاع

ولكن لايجوز

 له أن يتقدم بدعوى مقابلة، لا علاقة لها بالنزاع المطروح على هيئة التحكيم.

كذلك يجوز

للمدعى عليه أن يتمسك بحق له ضد المدعى بقصد الدفع بالمقاصة القانونية، بشرط أن يكون هذا الحق ناشئًا عن موضوع النزاع

فلا يجوز له أن يتمسك بحق، لا شأن له بموضوع النزاع، لكى يدفع بالمقاصة القانونية بينه وبين حق المدعى.

ووفقًا للمادة 30/2 تحكيم مصري، تحكيم سوري، عماني، أردني، قطري

"للمدعى عليه أن يتقدم بطلب مقابل متصل بموضوع النزاع، أو يتمسك بحق ناشئ عنه بقصد الدفع بالمقاصة، ولو بعد تقديم مذكرة دفاعه، في مرحلة لاحقة من الإجراءات إذا رأت هيئة التحكيم أن الظروف تبرر التأخير"

فيجوز للمدعى عليه عندئذ أن يقدم طلبه المقابل في مذكرة، أو يقدمه شفهيًا في حضور المدعى، أو من يمثله مع اثباته في محضر الجلسة على أن يقدم بعد ذلك مذكرة تشرح هذا الطلب.

ويجب هنا على هيئة التحكيم أن تتيح للمدعى الفرصة للرد على هذا الطلب، وتمنحه الوقت الكافى.

الطلبات الإضافية (تعديل الطلبات):

أغلب التشريعات سالفة الذكر تنص على أن:

لكل من طرفي التحكيم تعديل طلباته، أو استكمالها خلال إجراءات التحكيم.

نص المادة (23/2) قانون نموذجي

" مالم يتفق الطرفان على شئ آخر، يجوز لكل منهما أن يعدل إدعائه، أو دفاعه، أو أن يكملهما...".

بالتالي. .

 يجوز لكل من المدعى، والمدعى عليه تعديل طلباته، أو الإضافة إليها في أية حالة كانت عليها الإجراءات.

وهذا التعديل، أو الإضافة قد يكون لازمًا، إذا تبين المدعى أنه في حاجة إلى تعديل طلبه الأصلي، أو إضافة طلبات أخرى.

ولا يلزم لتقديم الطلب الإضافي أن تأذن هيئة التحكيم بتقديمه، ولكن يجب أن:

* يكون الطلب مرتبطًا بالطلب الأصلي، أو الطلب المقابل الذي يقدم إضافة، أو تعديلاً له.

* يكون داخلًا في نطاق اتفاق التحكيم.

تنبيه

إذا قدم الطلب في مرحلة متأخرة من التحكيم، وبعد أن قدم الخبير المنتدب في الدعوى تقريره، كان لهيئة التحكيم عدم قبوله.

 الدفوع في خصومة التحكيم:

لكل من طرفي التحكيم إبداء دفوعه بما يكفل له تحقيق مصلحته.

والدفوع التي تجوز في خصومة التحكيم هي ذاتها التي تجوز في الخصومة أمام المحاكم.

فقد تكون دفوعًا بعدم القبول، وقد تكون دفوعًا إجرائية، وقد تكون دفوعًا موضوعية.

الدفع بعدم قبول الدعوى:

يجوز في أية حالة كانت عليها الدعوى.

يجوز أن تقضي به هيئة التحكيم من تلقاء نفسها.

مثال

يشترط لقبول الدعوى التحكيمية توافر (مصلحة شخصية، ومباشرة وقائمة قانونًا) فإذا لم تتوافر هذه المصلحة، كانت الدعوى غير مقبولة.

وفي ذلك قضي بأن:

"الدفع بانتقاء الصفة أمام هيئة التحكيم يتعلق بالنظام العام، ومن ثم يجب على هيئة التحكيم التصدى له من تلقاء نفسها".

 الدفوع الإجرائية

إذا كان هناك اتفاق على الإجراءات؛ فإن هذه الإجراءات تكون اتفاقية، وتكون ملزمة للطرفين شأنها شأن الإجراءات التي ينص عليها القانون، ولكن ليس منها ما يتعلق بالنظام العام.

أحكام خاصة بالدفوع الإجرائية في التحكيم:

تخضع الدفوع الإجرائية في خصومة التحكيم إلى بعض الأحكام الخاصة هى:

* لا يسري على خصومة التحكيم ما تنص عليه قوانين المرافعات مثل:

وجوب إبداء الدفوع الإجرائية قبل الكلام في الموضوع، أو إبداء أي دفع بعدم القبول؛ فإن الطلب الموضوعي، أو الدفاع الموضوعي، أو الدفع بعدم القبول الموضوعي لا يسقط الحق في إبداء أي دفع إجرائي، ولو كان غير متعلق بالنظام العام.

ولا يستثنى من ذلك إلا الدفوع التالية:

أ‌) الدفوع المتعلقة بعدم اختصاص هيئة التحكيم بالدعوى، والمبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم، أو سقوطه، أو بطلانه.

ب‌) الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع؛ فيجب التمسك بالدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم بهذه المسائل فورًا أي في المذكرة اللاحقة لإثاره المسألة.

* لا تعرف خصومة التحكيم الإحالة للارتباط.

* تطبق بالنسبة للعيوب المؤدية للبطلان ما تنص عليه القواعد العامة من تصحيح العيوب الإجرائية بتكملة العمل بالباطل.

النزول عن الحق في الدفع:

لصاحب الحق في الدفع أن ينزل عن التمسك به، سواء كان ذلك صراحة أو ضمنيًا. .

ويخضع الأمر لسلطة هيئة التحكيم لتقدير توافر النزول الضمني من عدمه.

وقد اشتملت بعض التشريعات العربية على نصوص لمثل هذه الحالة بينما تركها البعض الآخر للقواعد العامة.

ومن هذه النصوص المادة 8 من قانون التحكيم المصري، والتي نصت على صورة خاصة من صور النزول الضمنى عن حق الخصم في الدفع المتعلق بعدم احترام شرط في اتفاق التحكيم، أو بمخالفة أي حكم من أحكام قانون التحكيم. فتقضي هذه المادة بأنه:

"إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم، مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم، أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته، ولم يقدم اعتراضًا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه، أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولًا منه عن حقه في الاعتراض".

وتطبيقًا لهذا النص، قضت محكمة استئناف القاهرة بأنه:

"إذا كان الثابت أن مدعي بطلان حكم التحكيم كان قد استمر في إجراءات التحكيم مع علمه بتجاوز ميعاد التحكيم، وقدم عدة مذكرات بدفاعه بعد انتهاء هذا الميعاد؛ فإنه يكون قد تنازل عن حقه في الاعتراض على حكم التحكيم لصدوره بعد تجاوز الميعاد. "

 الفصل في الدفوع:

تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعد اختصاصها قبل الفصل في الموضوع.

ويجوز لها أن تضمها إلى الموضوع للفصل فيهما معًا.

 أما إذا كان الدفع موضوعيًا، أو كان دفعًا بعدم القبول متعلقًا يالموضوع مما يعد القضاء فيه حاسمًا في عنصر من العناصر الأساسية، التي يبني عليها الفصل في بعض الطلبات الموضوعية.

فالأفضل أن يؤجل الفصل فيها إلى الفصل في الموضوع.

قاعدة عامة:

وإذا قضت هيئة التحكيم برفض أحد الدفوع، سواء قضت بذلك قبل الفصل في الموضوع، أو مع الفصل في الموضوع.

فلا يجوز لمن صدر ضده الحكم برفض الدفع، رفع دعوى مستقلة ببطلان الحكم الصادر في الدفع سواء قبل صدور الحكم المنهي للخصومة، أو بعد صدور هذا الحكم.

 ولكن يكون له أن يتمسك بالعيب الذي أثاره بهذا الدفع برفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها.

 المسائل الأولية:

الأصل

أن هيئة التحكيم ليس لها ولاية إلا بنظر ما اتفق الأطراف على التحكيم بشأنه.

وهذه الولاية تعتبر استثناء على الولاية العامة لمحاكم الدولة.

لهذا إذا أثيرت مسألة أولية يجب على هيئة التحكيم أن توقف الفصل في الدعوى التحكيمية إلى حين الفصل النهائي في المسألة الأولية من محكمة الدولة المختصة بها.

المبدأ العام أنه

يدخل في ولاية هيئة التحكيم كل مسألة أولية تتعلق بتحديد اختصاصها، وذلك لما هو مقرر من اختصاص هيئة التحكيم بالنظر في اختصاصها (الاختصاص بالاختصاص).