الدرس
الثاني: أنواع
التحكيم
وطبيعته
القانونية
المبحث
الأول: أنواع
التحكيم
تتعدد
أنواع
التحكيم حسب
الزاوية التي
ينظر إليه
منها، وحسب
ظروف النزاع.
(1)
من حيث الصفة
الإلزامية
التحكيم
الاختياري:
يقصد
به التحكيم
الذي يلجأ إليه
المتعاقدين
بإرادتهم
الحرة
المختارة، ذلك
بموجب اتفاق التحكيم
الذي يختارون
بمقتضاه
المحكمون،
والقانون
الواجب
التطبيق، وإجراءات
التحكيم.
ويقوم
التحكيم
الاختياري
على أساسين:
الأول:
الإرادة الذاتية
للخصوم.
والثاني: إقرار
المشرع لهذه
الإرادة.
يلجأ
المتعاقدين
إلى التحكيم،
أو إلى القضاء
لفض نزاع دائر
بينهم، إلا
أنهم يختارون
التحكيم
بإرادتهم
الحرة.
التحكيم
الإجباري:
يقصد
به التحكيم
المفروض على
المتعاقدين
من قبل
المشرع، حيث
لا يكون لإرادة
الطرفين أي تدخل
في اللجوء إليه،
وتوضع لهذا
النوع من
التحكيم
قواعد لكي تنظم
أحكامه.
وقد
يفرض المشرع
على
المتعاقدين
اللجوء للتحكيم،
إلا أنه يترك
لهم حرية اختيار
المحكمين
وتحديد إجراءات
التحكيم،
والقانون
الواجب
التطبيق، ولا
يؤثر ذلك في وصفه
بأنه تحكيم إجباري.
ورغم
أن هذا النوع
أخذ في
التراجع لمخالفته
مبدأ
الرضائية،
إلا أنه مازال
معمول به في بعض
التشريعات،
وبخاصة في المنازعات
التي تثور بين
أشخاص
القانون
العام بعلة
أنه يصب في
النهاية في
مصلحة الدولة،
ورعاية
الصالح العام.
مثال:
ما
كانت تنص عليه
المواد من (56
إلى 96) من
القانون
المصري رقم 97
لسنة 1983 في شأن
هيئات القطاع
العام
وشركاته، حيث
كانت توجب
التحكيم في
منازعات
المشروعات
العامة، وهي
تلك التي تحدث
بين شركات
القطاع بعضها
مع بعض أو بين
إحدى
المؤسسات
العامة، أو
الجهات
الحكومية
المركزية، أو
المحلية، أو
هيئة من
الهيئات
العامة، ولكن
بعد صدور قانون
ركات قطاع
الأعمال رقم (203)
لسنة 1991م أصبح
التحكيم في
المنازعات
المتعلقة
بهذه الشركات
اختياريًا،
وذلك طبقًا
للمادة (40) منه.
إطلالة
على التحكيم
لدى قوانين
بعض الدول من حيث
الصفة
الإلزامية:
ففي
فرنسا
من
أبرز مظاهر
التحكيم الإجباري
ما جاء بقانون
العمل
الفرنسي ـ
المادة 761/5 وما بعدها
بأن:
"تعرض
الطلبات التي
يقدمها
الصحفيون
للتعويض عن
فصلهم على
هيئة تحكيم
يختار الخصوم أشخاصها
وذلك إذا تجاوزت
خدمة الصحفي
خمسة عشر عامًا"
أما
القانون
الإنجليزي
فقد احتفظ
بنوع من
التحكيم الإجباري
خروجًا عن
مبدأ
الرضائية، فأجاز
لرئيس إدارة
الكتاب
بمحكمة
المحافظات إحالة
القضية إلى التحكيم
إذا كانت
قيمتها لا
تتجاوز 1000 جنية
استرليني،
ويجري ذلك تحت
إشراف القاضي
أو دون إشرافه،
ولا يحتاج
الأمر إلى موافقة
الخصوم قبل إحالة
القضية إلى التحكيم([1]).
في
مصر
قضت
المحكمة
الدستورية
العليا بعدم
دستورية أي نص
يرد في قانون،
ويلزم الأفراد
بالالتجاء إجباريًا
إلى التحكيم.
وأسست
قضائها على أن
فرض المشرع
التحكيم
إجبارًا ودون
اعتداد بإرادة
الخصوم؛ فإن ذلك
يكون مصادرة
لحق التقاضي
الذي كفله
الدستور؛
فالتحكيم لا
يستبعد ولاية
القضاء إلا
إذا كان ذلك ناشئًا
عن إرادة حرة
لأطراف
التحكيم.
(2)
من حيث الجهة
التي تتولى
الفصل فيه:
التحكيم
الحر، أو الفردي
(الخاص)
التحكيم
الحر هو:
الصورة
الطبيعية،
والأسلوب الأمثل
للتحكيم،
يختار أطراف
النزاع
المحكمين في
كل حالة دون
التقيد بنظام
دائم،
يختارون
محكم، أو أكثر
بمعرفتهم
يتولى
التحكيم فيما
بينهم،
يختارون
القواعد، والإجراءات
التي
يتبعونها،
والقانون
الواجب
التطبيق، ومكان
التحكيم.
ويتميز
التحكيم الحر
بأنه:
ـ قليل
التكاليف،
ويحقق سرية
أكبر من
التحكيم
المؤسسي.
ـ يتبع
القواعد الإجرائية
بمرونة أكثر تراعي
مصالح الأطراف،
وبصفة خاصة
الطرف الضعيف.
ـ يحقق
السرعة
المطلوبة
فهو
يعد إجمالًا
الأسلوب
الأمثل
للتحكيم، لا
سيما إذا تولى
التحكيم محكم
كفء.
ـ هذا النوع
له مكانة مهمة
في حقل
التحكيم، ولا
سيمًا في
المنازعات
التي تقع بين
الدول
العلة
في ذلك
“إن
الدول ذات
سيادة، وحين
تذهب إلى التحكيم،
فإنها لا ترضى
به إلا إذا
فصلته على
القياس
والشكل الذي
يراعي سلطتها
وسيادتها،
وكثيرًا ما
يحصل ذلك في
منازعات تكون أطرافها
الدولة ذاتها،
أو إحدى
وزاراتها، أو مصالحها
الحكومية.
ـ هذا
النوع من
التحكيم إذا
كانت كمية
المنازعات
التي تحل عن
طريقه هي أقل
إلا أن نوعية المنازعات
التي تحل عن
طريقه عديدة
لأنه يناسبها
أكثر، ولا سيمًا
المنازعات
الكبرى بين
الدول حول
الموضوعات التجارية،
والمالية، أو المنازعات
بين شركات
متعددة
الجنسيات.
الميزة
في ذلك
ـ أن كل
طرف يختار
محكمه،
ويختار المحكمين
المحكم
الثالث “المرجح”.
ـ إذا لم يتوصل
هو وخصمه إلى هذا
الخيار توقف
التحكيم.
ـ ينظم
هو وخصمه إجراءات
التحكيم
وأصوله.
ـ تتولى
المحكمة
التحكيمية
التي أوجدوها
بالاتفاق النظر
في الخلاف، ثم
الفصل فيه.
ـ الحكم
لا يكون خاضعًا
لرقابة هيئة
حقوقية دائمة
أخرى.
تنويه:
تحكيم
المحكمة
التحكيمية
التي ينشئها
الأطراف خصيصًا
لحل النزاع سواء
كان تحكيم أفراد
أم تحكيم
مراكز
التحكيم، يسمى
تحكيم
الحالات
الخاصة، فكلاهما
له مكانته
ومنازعاته.
التحكيم
المؤسسي
(النظامي) Institutional
هو
التحكيم الذي
يتولاه هيئات،
أو منظمات
دولية، أو وطنية
منشأة لهذا
الغرض، وتطبق
قواعد، وإجراءات
محددة
وموضوعة سلفًا
بموجب اتفاقيات
دولية، أو تشريعات
وطنية، وتكون
لوائح هذه
المؤسسة، أو المنظمة
واجبة
التطبيق
بمجرد اختيار الأطراف
لأي منها
للفصل في
النزاع.
ويتناسب
التحكيم
المؤسسي مع
مصلحة الأفراد
في إنهاء النزاع،
حتى لا يعرقل أحدهما
العملية
التحكيمية،
فيؤمن سيرها
بفاعلية لحين إصدار
الحكم.
التحكيم
المؤسسي قد
يكون المخرج
الوحيد عندما
يتعلق الأمر
بتحكيم متعدد
الأطراف حيث
تثور مشكلة اختيار
المحكمين،
وتشكيل هيئة
التحكي؛
فيأتي
التحكيم
المؤسسي لحل
تلك المسألة
بتعيين
المحكمين.
مثال:
التحكيم
الذي يتم في
إطار غرفة
التجارة الدولية
بباريس،
والتحكيم
الذي يتم في
إطار مركز التحكيم
التجاري
الخليجي.
ومن
تطبيقات
التحكيم
الإجباري في
القانون
المصري
التحكيم الذي أتت
تنظمه المادة
(18) من القانون
رقم 48 لسنة 1977م
الخاص بإنشاء
بنك فيصل
الإسلامي،
وكذلك التحكيم
الذي كان
ينظمه قانون
الجمارك رقم 11
لسنة 1963م بشأن الضريبة
العامة على
المبيعات في
عدد من مواده
كالمادة (17 و 18)،
والتحكيم
الذي كان
ينظمه
القانون رقم 95
لسنة 1992م بشأن
سوق رأس المال
في عدد من
مواده
كالمواد (10، 52).
وقد
قضت المحكمة
الدستورية
العليا في مصر
بعدم دستورية
هذه الصور
الأربع
للتحكيم
الإجباري
مؤسسة قضائها
على نص المادة
(68) من الدستور
المصري عام
1971م، والتي تنص
على أن: "
التقاضي حق
مصون، ومكفول
للناس كافة،
ولكل مواطن حق
الإلتجاء إلى
قاضيه
الطبيعي.
التحكيم
الوطني
يقصد
بالتحكيم
الوطني ذلك
التحكيم الذي
يتعلق بنزاع
وطني من كافة
زواياه، ويعين
له
المتعاقدون
محكمون
وطنيون
يصدرون حكمهم
داخل الدولة،
ووفقًا لإجراءات
وطنية مع
تطبيق
القانون
الوطني على
النزاع.
التحكيم
الدولي
يقصد
بالتحكيم
الدولي ذلك
التحكيم الذي
تنتمي عناصره
لأكثر من دولة
مما يثور بشأنه
العديد من
الصعوبات مثل:
القانون
الواجب
تطبيق، والإجراءات
الواجب
اتباعها،
ومكان
التحكيم،
وأسماء وجنسيات
المحكمين،
وهذا التحكيم
يصعب انتماؤه
لدولة بعينها.
وهناك
عدة معايير
لتمييز
التحكيم
الدولي، كالمعيار
الجغرافي
المتمثل في
مكان التحكيم،
والمعيار
القانوني
المتمثل في
القانون الواجب
التطبيق،
والمعيار
الاقتصادي
المتمثل في
النزاع
المراد فضه
بالتحكيم،
وقد تباينت المعايير
المتبعة في كل
نظام من
الأنظمة
القانونية العالمية
كالنظام الفرنسي،
والنظام
الأنجليزي،
وكذلك
التشريعات
العربية كل
بحسب ميله
لأحد الأنظمة
السابقة، وهو ما
سنعرض إليه في
حينه.
التحكيم
الأجنبي
يقصد
بالتحكيم الأجنبي
ذلك التحكيم
الذي ينتمي
فيه عنصر، أو أكثر
لدولة معينة،
كان يصدر حكم
التحكيم في
دولة، ويراد
تنفيذه في
دولة أخرى.
ولا
يعد كل تحكيم أجنبي
تحكيمًا دوليًا،
وإن كان العكس
صحيحًا.
متي
يكون التحكيم دوليًا
ـ كل
تحكيم يبدأ حاملًا
قرينة
التحكيم الداخلي،
فإذا كان دوليًا؛
فإنه يحتاج
إلى مؤشرات
ذات معنى على
أنه أجنبيًا، وليس
داخليًا.
ـ
وبمقدار ما
يمكن إعمال
هذه
المؤشرات، وبمقدار
ما تكون هذه
المؤشرات “فاعلة،
ومؤثرة،
وظاهرة” يصبح
التحكيم دوليًا.
ـ
فإذا لم يكن
لهذه
المؤشرات
تأثير يبقى
التحكيم
داخليًا.
إذًا
فالعوامل
المكونة
للطابع "الدولي"
للتجارة يجب
أن تكون:
“ظاهرة
في العقد ـ
وتكون إرادة الطرفين
قد انصرفت
إليها بشكل
واضح”
بالتالي
فإن العملية
التجارية
التي ينبع
منها التحكيم
هي وحدها التي
تدخله، أو تخرجه
من النطاق الدولي،
وليس القانون،
أو الإجراءات المطبقة
عليه، ولا
مكان إجرائه
إلخ. . .
ـ
فتعدد جنسية
الأطراف، أو تعدد
محلات
اقامتهم هو
عنصر يؤخذ
بعين الاعتبار
لتحديد معنى
الدولية،
ولكنه عنصر من
عناصر أخرى،
يجب أن تكون "فاعلة،
ومؤثرة،
وظاهرة" في العقد.
يمكن
حصر هذه
المؤشرات الأجنبية
في تسع مؤشرات
هي:
1. موضوع
النزاع.
2. جنسية
ومحل إقامة الأطراف.
3. جنسية
المحكمين.
4. القانون
المطبق لحسم
النزاع.
5. القانون
إجراءات
المحاكمة
المطبق.
6. مكان
التحكيم.
7. اللغة.
8. العملة.
9. حركة
انتقال
الأموال عبر
حدود الدول
للخروج من
اقتصاد البلد.