المبحث الأول: أحكام عامة

الباب الرابع: خصومة التحكيم

الدرس الأول: إجراءات الخصومة التحكيمية

المبحث الأول: أحكام عامة

أولًا- المرجع في تنظيم إجراءات التحكيم.

الأصل

إن لأطراف الخصومة التحكيمية الحرية في تحديد الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم، وهو ما نصت عليه المادة 25 تحكيم نص المادة 25 تحكيم مصري "لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة، أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية، أو خارجها، فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة".

نص المادة  (25) تحكيم:

* يتعين على أطراف النزاع عند تحديد إجراءات خصومة التحكيم أن يتم رعاية الأطراف للقواعد المتعلقة بالنظام العام أي التي تتعلق بالمصالح العليا للدولة التي يجري التنفيذ على أرضها، وهو ما نصت عليها المادة (515) مدني مصري.

إرادة أطراف النزاع هي التي تحدد قدر المرونة التي يتمتع بها المحكم، أو هيئة التحكيم، فقد يقيدونها بنظام إجرائي معين وقد يكتفوا بالاتفاق على مبدأ التحكيم دون أن يحددوا النظام الإجرائي الذي يحكم سير المنازعة محل التحكيم.

 ملحوظة 

* الاتفاق على الإجراءات قد يكون في مشارطة التحكيم، أو في اتفاق مستقل.

للأطراف الحرية في عدم التقيد بالإجراءات الواردة في قانون التحكيم، فيما عدا المبادئ المتعلقة بالنظام العام، والمبادئ الأساسية في التقاضي.

فيكون للأطراف الاتفاق على إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد المتبعة في أي منظمة، أو مركز تحكيم داخلي، أو دولي، أو يتفقون على إجراءات خاصة بهم.

لا يملك المحكمون تطبيق أحكام القانون الوطني متى اتفق الأطراف على قانون إجرائي آخر غيره إلا في الأحوال الآتية:

·        إذا كان القانون الوطني ينظم مسألة لم ينظمها القانون المتفق على تطبيقه.

·        إذا كان الإجراء غير متعلق بخصومة التحكيم.

مثل دعوى بطلان حكم التحكيم، أو إجراءات تنفيذ حكم التحكيم.

ففي هذه الحالات يطبق القانون الوطني دون ما اتفق عليه الأطراف.

وقد اتفقت تشريعات التحكيم العربية الحديثة، ونظم منظمات التحكيم الإقليمية، والدولية على هذه القاعدة، وإن اختلفت العبارات ([1]).

إرادة أطرات النزاع هي التي تحدد قدر المرونة التي يتمتع بها المحكم، أو هيئة التحكيم، فقد يقيدونها بنظام إجرائي معين، وقد يكتفوا بالاتفاق على مبدأ التحكيم دون أن يحددوا النظام الإجرائي الذي يحكم سير المنازعة محل التحكيم.

ثانيًا- اختيار المحكم لإجراءات التحكيم 

 إذا لم يحدد الأطراف إجراءات التحكيم، كان لهيئة التحكيم تحديد هذه الإجراءات وفقًا لما تراها مناسبة فتقوم هيئة التحكيم باختيار الإجراءات الواجب اتباعها للفصل في النزاع المطروح عليها، كما يكون لها عند اتفاق الأطراف على الإجراءات، استكمال ما أغفله هذا الاتفاق.

وهذا هو مفاد نص المادة 25 من قانون التحكيم المصري، والمادة21 تحكيم سوداني، والمادة 212 من قانون التحكيم الإماراتي

وهو عين مانصت عليه المادة 15 من قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس، كذلك قانون التحكيم العماني، وقانون التحكيم الأردني التي تقضي بأن:

لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة من خلال تلك النصوص يثور التساؤل الآتي

ما مدى سلطة هيئة التحكيم عند عدم اتفاق الأطراف؟ 

وحقيقة القول أن المستنتج من تلك النصوص هو أن سلطة هيئة التحكيم في اختيار إجراءات التحكيم مقيدة بأربعة قيود هي

الأول: عدم اتفاق الأطراف على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم 

الثاني: مراعاة النصوص الإجرائية المنصوص عليها في تلك النصوص متى كانت هي القوانين الواجبة التطبيق على النزاع.

الثالث: احترام المبادئ الأساسية في التقاضي كالمساوة بين الخصوم، وكفالة حق الدفاع، وكفالة مبدأ المواجهة بين الخصوم، وغيرها.

الرابع: عدم مخالفة قواعد النظام العام.

 تنبيه 

من الأنسب على المحكمين بعد وضع الإجراءات التي سيتبعونها في التحكيم، أن يضمنوها وثيقة تحمل توقيعهم، وتوقيع أطراف التحكيم، فتأخذ هذه الإجراءات حكم الإجراءات المتفق عليها من الأطراف، وبالتالي تُحل سلطة المحكمين من القيود المفروضة عليها.

 ثانيًا- المبادئ الأساسية 

هناك عدة مبادئ عامة يتعين مراعاتها أثناء سير الخصومة التحكيمية تلك المبادئ هي المبادئ الأساسية للتقاضي.

 فهيئة التحكيم ملزمة باتباع، ومراعاة تلك المبادئ أثناء سير الدعوى التحكيمية.

وهذه المبادئ يجب على هيئة التحكيم مراعاتها، حتى لو اتفق الأطراف على مخالفتها؛ لأنه بدون هذه المبادئ لا يُتصور وجود عدالة حقيقية.

فإذا انتهك المحكم أحد هذه المبادئ كان جزاء ذلك، بطلان حكم التحكيم، متى كان بطلان الإجراء قد أثر في الحكم.

أهم هذه المبادئ هي:

 المبدأ الأول: المساواة بين الخصوم

المقصود بمبدأ المساواة بين الخصوم ليس فقط المساواة الإجرائية بمنح الخصوم فرصًا متساويةً لإبداء طلباتهم، ودفوعهم، ودفاعهم، وإنما أيضًا المساواة في تعامل هيئة التحكيم معهم.

* فلا يجوز للمحكم أن يخص أحد المتخاصمين بالدخول عليه، والقيام له، أو بصدر المجلس، أو الإقبال عليه، أو البشاشة له والنظر إليه؛ لأن في ذلك دليل حيفه، وظلمه، ويخل بالمساواة بينهما ذلك أن تخصيص أحد الخصمين بمجلس، أو إقبال، أو إكرام مفسدتان، إحداهما في أن يكون الحكم له فيقوى قلبه، والثانية أن الخصم الآخر ييأس من عدل محكمه؛ فيضعف قلبه وتنكسر حُجته.

يجب مراعاة الحد الأدنى الإجرائي، وهو احترام المبادئ الأساسية كاحترام حق الدفاع، والمساواة بين الطرفين.

"استئناف القاهرة 12 مارس 2001 د/ 7 تجاري في القضية رقم 49 لسنة 117 قضائية تحكيم تجاري".

هو ما أكدت عليه المحكمة الدستورية العليا حيث قضت بأن الالتزام بالمبادئ الأساسية لضمانات التقاضي كان نهج المشرع عندما وضع تنظيمًا تشريعيًا للتحكيم المبني على اتفاق الخصوم.

(المحكمة الدستورية العليا 11 مايو 2003 القضية رقم 95 لسنة 20ق).

وهو ما أكدته المادة 15/2 من نظام غرفة التجارة الدولية بباريس بنصها على أنه ".. وفي كل الأحوال، تتوخى محكمة التحكيم الإنصاف، وعدم الانحياز في إدارتها لسير الإجراءات، وتحرص على أن يكون قد تم الاستماع لكل طرق بشكل واق".

وكذلك نصت المادة 18 من القانون النموذجي.

" يجب أن يعامل الطرفان على قدم المساواة، وأن تُهيأ لكل منهما الفرصة كاملة لعرض قضيته".

وكذلك نصت المادة 17/1 من قواعد اليونسترال عام 2010م تنص على:

"مع مراعاة هذه القواعد، يجوز الهيئة التحكيم أن تسير التحكيم على النحو الذي تراه مناسبًا شريطة أن يعامل الأطراف على قدم المساواة، وأن تتاح لكل طرف في مرحلة مناسبة من الإجراءات فرصة معقولة لعرض قضيته، وتسير هيئة التحكيم لدى ممارستها صلاحيتها التقديرية الإجراءات على نحو يتفادى الإبطاء، والانفاق بلا داع، ويكفل الإنصاف، والكفاءة في تسوية المنازعات بين الأطراف".

 المبدأ الثاني: المواجهة

وهذا المبدأ يعني أنه يلزم أن تكون هنالك مواجهة بين الخصمين كي يرد كل خصم على حجج، وأسانيد الطرف الآخر، فلايجوز أن يقدم أحد الطرفين طلبًا في غيبة الطرف الآخر.

 بالتالي فإن كل حكم تحكيمي يخل بمبدأ المواجهة يعتبر باطلًا.

المحظورات التي يفرضها مبدأ المواجهة على المحكم 

* لايجوز أن تدعو هيئة التحكيم أحد الطرفين، أو تسمع مرافعته دون أن تكون قد دعت الطرف الآخر لحضور ذات الجلسة. 

* لايجوز قبول أي مذكرات، أو مستندات في غير الجلسة المحددة من أحد الأطراف، دون اطلاع الطرف الآخر عليها، أو إعلانه بها.

ملحوظة

* لايجوز للمحكم إجراء المعاينة، أو التحريات عن مسألة مشتركة متعلقة بالقضية بحضور أحد الأطراف بدون علم الطرف الآخر.

* لايجوز للمحكم أن يقابل أي طرف دون حضور الطرف الآخر.

* لا يجوز للمحكم الاتصال هاتفيًا بأي منهما، وعند الضرورة يمكن إرسال فاكس، أو أي ـ ميل ويرسل صورة منه إلى الطرف الآخر.

تنبيه 

يعتبر مبدأ المواجهة حقًا من حقوق الدفاع، أو شرطًا لممارسته، وقد قضت محكة استئناف باريس بأن هذا الحق ينبع من النظام العام الدولي؛ فإن خولف كان جزاء مخالفته البطلان.

لذلك. .

حرصت كافة التشريعات العربية، وأنظمة منظمات التحكيم الإقليمية، والدولية على النص على الإجراءات التي يجب على المحكمين اتباعها تحقيقًا لهذا المبدأ ([2]).

المبدأ الثالث: احترام الحق في الدفاع 

 "كما لا يعد إخلالًا بحق الدفاع كما قضت محكمة النقض، أن تقرر هيئة التحكيم بعد أن يتقدم الخصوم بدفاعهم، ومستنداتهم إصدار الحكم بجلسة 16/8/1956، ثم عادت، وقررت وقف الدعوى لحين الفصل في طلب الرد المقدم ضد أحدهم، ولما حكم نهائيًا في طلب الرد برفضه، قررت إصدار حكمها في 27/4/1957 بعد إخطار الخصوم فإن عدم تحديدها جلسة للمرافعة بعد الفصل فيطلب الرد، وقبل إصدار الحكم لا يكون فيه إهدار لحق الدفاع".

" نقض مدني 16 ديسمبر 1976 مجموعة النقض السنة 27 صفحة 176الطعن رقم 177 لسنة 40 ق".

إن الإخلال بحق الدفاع قد ينتج عن عدم لمساواة بين الخصمين بإفساح المجال لخصم للدفاع عن حقه دون الخصم الآخر يخل بمبدأ المساواة كما ينطوي في نفس الوقت على إخلال المواجهة وحق الدفاع، كما أن الاستجابة لطلب خصم لسماع شهوده دون الاستجابة لطلب الآخر، يعتبر إخلالًا بحق الدفاع، وينطوي على عدم مساواة في نفس الوقت (د/ أحمد الصاوي- الوجيز في التحكيم، المرجع السابق،ص 203).

ملحوظة

هناك فارق بين المحكم والقاضي؛ فالمحكم يتم اختياره بسبب خبرته الذي ينعكس بالطبع على أدائه في تنفيذ مهمة التحكيم، ولكن ليس للمحكم أن يحكم بناء على علمه فقط، إنما يستغل خبرته في الوصول إلى المعلومة الصحيحة على أن يحظر عليه المحكم الوصول للمعلومات للمتنازعين في السوق.

ما لا يعد إخلالًا بحق الدفاع:

- ما أكدته المادة 33/1 تحكيم مصري.

* تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضع الدعوى، وعرض حجته وأدلته، ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات، والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.

- لا يخل بحق الدفاع أن تفصل هيئة التحكيم في موضوع النزاع دون تحديد جلسة للمرافعة بعد استئناف الخصومة لسيرها بالفصل في طلب الرد، إذا كانت هيئة التحكيم قد سعت قبل وقف الخصومة لدفاع الخصوم، كما تقدم الخصوم لها بمستنداتهم؛ لأن تحديد جلسة للمرافعة في هذه الحالة لا ينطوي على إهدار للمبادئ الأساسية للتقاضي، أو إخلال بحق الدفاع الذي أتيح لهم قبل وقف الخصومة (نقض مدني 16 ديسمبر 1976 مجموعة النقض السنة 27 صفحة 1769 الطعن رقم 1177 لسنة 40ق).

 

 المبدأ الرابع: عدم جواز قضاء المحكم بعلمه الشخصي

حقيقة الأمر أن المحكم بما لديه من خبرات فنية، والتي من أجلها تم اختياره من الأطراف، إلا أنه لا يُمكنه أن يبني حكمه معتمدًا على معلوماته الشخصية.

فالمحكم ملزم بأن لا يستمد قناعته من عناصر غير قائمة في الخصومة، إلا إذا أفصح عن معلوماته للطرفين بما يتيح لهم فرصة مناقشته ([3]).

مثال:

المحكم، مهندس متخصص في موضوع النزاع، وتبين له من أقوال الشاهد الفني، أو الخبير أن المعلومات التي يدلي بها، لا تتفق مع معلوماته الشخصيه؛ فماذا يفعل المحكم؟ 

هل يصدر حكمه مستندًا على المعلومات الفنية غير الصحيحة؟

أم يقضي بعلمه الشخصي؟

إذا قضى الحكم في هذه الحالة بعلمه الشخصي الذي لم يكن مطروحًا على بساط بحث المتنازعين، ولم يناقشة الأطراف، كان حكمه باطلًا لقضائه بناءً على معلومات لم يناقشها الأطراف فيكون فضلًا عن ذلك مخلًا بحق الدفاع.

الحل الأصوب 

 على المحكم في هذه الحالة أن ينبه الطرفين، والشاهد بحقيقة معلوماته حتى يتم مناقشتها، وطرحها على بساط البحث فيفندها الأطراف.

فإن أصدر حكمه بعد ذلك، مستندًا على تلك المعلومات؛ فإنه لا يكون قد قضى بعلمه الشخصي، بل قضي مستمدًا قناعته من عنصر كان قائمًا في الخصومة، وتم طرحه في المنازعة، وبالتالي لا يكون الحكم معرضًا للبطلان.

المبدأ الخامس: وجوب نظر النزاع، وإصدار الحكم من جميع أعضاء هيئة التحكيم 

إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة أو أكثر؛ فلا يجوز أن تنعقد بعدد أقل مما تم الاتفاق عليه فلا تنعقد بعضو واحد، ولا بعضوين، وإلا كان الانعقاد باطلًا.

فلا يجوز لهيئة التحكيم أن تنتدب أحد أعضائها لحضور الجلسات، أو لاتخاذ إجراء من الإجراءات، إلا إذا كان هذا الندب جائزًا، وفق قانون التحكيم الذي يحكم المنازعة، أو باتفاق الأطراف ([4]).

وقد أجمعت التشريعات العربية، والدولية على وجوب احترام هذا المبدأ.

 

 ثالثًًا- الأحكام الخاصة بالأعمال الإجرائية في التحكيم 

هناك بعض الأحكام الإجرائية يختص بها التحكيم، تختلف عن تلك التي تنطبق على الأعمال الإجرائية أمام قضاء الدولة.

وهذه الأحكام هي: تسليم الأوراق المتعلقة بالتحكيم.

حرصت أغلب التشريعات العربية، ونظم منظمات التحكيم على التوسع في طريقة الإعلانات التي تتعلق بالتحكيم فجعل الأصل في تنظيمها لمحض إرادة أطراف التحكيم.

والإعلان يشمل، التنبيه، والإخبار، والتبليغ، والإخطار، والإنذار.

لتيسير عملية الإعلان في حالة عدم اتفاق الأطراف عليها؛ فقد ضمنت نصوص تلك التشريعات، والنظم ووسائل للإعلان تتوافق مع ما يتسم به التحكيم من السرعة في فض المنازعات، وأجمعت على أنه إذا لم يكن هناك اتفاق خاص بين طرفي التحكيم، يتم الإعلان بتسليمه إلى المرسل إليه شخصيًا، أو في مقر عمله، أو في محل إقامته المعتاد، أو في عنوانه البريدي المعروف للطرفين، أو المحدد في مشارطة التحكيم، أو في الوثيقة المنظمة للعلاقة التي يتناولها التحكيم، إذا تعذر معرفة أحد هذه العناوين بعد إجراء التحريات اللازمة.

يعتبر التسليم قد تم إذا تم إرساله بكتاب مسجل إلى آخر مقر عمل، أو محل إقامة معتاد، أو عنوان بريدي معروف للمرسل إليه.

ولا يستثنى من ذلك إلا (الإعلانات القضائية أمام المحاكم) (مادة 7/2)

 فيستثنى الإعلانات التي تتضمن تكليفًا بالحضور أمام محكمة من محاكم الدولة، مثل إعلان صحيفة دعوى تعيين محكم، أو إعلان دعوى بطلان حكم التحكيم، كما تستثنى الإعلانات التي يبدأ بها سريان ميعاد للقيام بإجراء أمام المحكمة، مثل إعلان حكم التحكيم الذي يبدأ به ميعاد دعوى البطلان.

وقواعد تسليم الأوراق الخاصة التي تنص عليها المادة 7 من قانون التحكيم، وما يقابلها من نصوص التشريعات العربية، وهي متفقه مع ما ورد في قانون التحكيم الأردني، والعماني، والسوداني، والسوري: 

* لا يلزم أن يتم تسليم الورقة بواسطة المحضر؛ فيمكن أن يتم التسليم بواسطة مندوب المرسل من طالب التسليم، أو بواسطة البريد.

* لا يلزم اتباع الإجراءات التي ينص عليها قانون المرافعات بالنسبة لتسليم الإعلان.

ولهذا فإنه: 

(أ‌) لا يلزم أن تكون الورقة المسلمة من أصل وصورة، يسلم الأصل إلى المعلن إليه مع توقيعه على الأصل باستلام الصورة، أو إثبات امتناعه عن تسلمها؛ فيكفي التوقيع في دفتر مراسلات ممن استلم الورقة باستلامها.

(ب‌) لا يلزم أن يتم التسليم لشخص المعلن إليه، أو في موطنه الأصلي؛ فيمكن تسليم الورقة إلى المرسل إليه شخصيًا، أو في موطنه الأصلي (محل إقامته المعتاد), كما يمكن تسليمه في مقر عمل المعلن إليه، أو إرساله بالبريد إلى عنوانه البريدي.

(ت‌) إذا تعذر معرفة أحد الأماكن السابقة، فإن الورقة لا تسلم للنيابة العامة، وإنما يتم التسليم بإرسال كتاب مسجل إلى المعلن إليه في آخر مقرعمل، أو إقامة معتاد، أو عنوان بريدى معروف له.

ملحوظة 

هذا الإعلان لا يكون صحيحًا إلا إذا كان طالب الإعلان قد قام بالتحريات الكافية التي يلزم إجرائها لمعرفة عنوان موطن المعلن إليه، أو مقر عمله، أو عنوانه البريدي.

 مكان التحكيم أو مقر التحكيم:

* تكمن أهمية مكان التحكيم من الناحية العملية، ومن الناحية الإجرائية.

الناحية العملية:

تكمن في قرب المكان لطرفي النزاع، وهيئة التحكيم، والشهود، وما قد يستعان بهم من خبراء الأمر الذي يوفر الكثير من الوقت، والنفقات، ويؤدي إلى تتابع الجلسات، وانتظامها، وسرعة الفصل في النزاع.

أما الناحية الإجرائية (القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم).

فتكمن في أن قانون الدولة التي يجرى التحكيم على أرضها هو القانون الواجب التطبيق سواء على موضوع النزاع، أو على إجراءات خصومة التحكيم.

وطبقًا لنص المادة 28 من قانون التحكيم المصري لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان لتحكيم سواء في مصر، أو في خارج فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع وضع في الاعتبار مراعاة ظروف الدعوى، وملائمة مكان التحكيم لأطرافها.

- نص المادة 20/1 القانون النموذجي.

(1) للطرفين حرية الاتفاق على مكان التحكيم؛ فإن لم يتفقا على ذلك تولت هيئة التحكيم تعيين هذا المكان، على أن تؤخذ في الاعتبار ظروف القضية، بما في ذلك راحة الطرفين.

وكما يجب الإشارة إلى أنه سواء تم اختيار المكان باتفاق الخصوم، أو عن طريق هيئة التحكيم؛ فإن ذلك لا يخل بسلطة هيئة التحكيم في أن يجتمع في أي مكان تراه مناسبًا للقيام بأي إجراء من إجراءات التحكيم، لسماع أطراف النزاع، أو سماع الشهود، أو الخبراء، أو الإطلاع على مستندات أو معاينة 16/ يونسترال، 20/2 نموذجي.

- نص المادة 20/2 القانون النموذجي

(2) استثناء من أحكام الفقرة 1 من هذه المادة يجوز لهيئة التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبًا للمداولة بين أعضائها، ولسماع أقوال الشهود، أو الخبراء، أو طرفي النزاع، أو المعاينة البضائع، أو غيرها من الممتلكات، أو لفحص المستندات ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك".

- نص المادة 16 من قواعد اليونسيترال.

1-إذا لم يتفق الطرفان على مكان إجراء التحكيم تتولى هيئة التحكيم تحديد هذه المكان مع مراعاة ظروف التحكيم.

2- لهيئة التحكيم تعيين محل إجراء التحكيم داخل الدولة التي اتفق عليها الطرفان، ولها سماع شهود، وعقد اجتماعات للمداولة بين أعضائها، في أي مكان تراه مناسبًا مع مراعاة ظروف التحكيم.

3- لهيئة التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبًا لمعاينة بضائع، أو أموال أخرى، أو الفحص مستندات، ويجب إخطار الطرفين بوقتٍ كافٍ قبل ميعاد هذه المعاينات، أو الفحوص ليتمكن من الحضور وقت إجرائها.

4- يصدر قرار التحكيم في مكان إجراء التحكيم.

وأخيرًا لتحديد مقر التحكيم أهميته البالغة في معرفة القضاء الذي يمكنه التدخل لمساعدة هيئة التحكيم في مباشرة عملها، كالحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة أو الأمر القضائية، أو الأمر بتنفيذ الإجراءات التحفظية، والوقتية التي اتخذتها هيئة التحكيم، أو غير ذلك من المساعدة التي يتمكن تقديمها.

يجوز أن يجري التحكيم في أي مكان يتفق عليه الطرفان، سواء في مصر، أو في الخارج، وقد نص على ذلك قانون التحكيم المصري في المادة 28 وأجمعت أغلب التشريعات العربية ([5])على أن

" لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في مصر، أو خارجها، فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم، مع مراعاة ظروف الدعوى، وملاءمة المكان لأطرافها، ولا يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجتمع، في أي مكان تراه مناسبًا للقيام بإجراء من إجراءات التحكيم، كسماع أطراف النزاع، أو الشهود، أو الخبراء، أو الاطلاع على مستندات، أو معاينة بضاعة أو أموال، أو إجراء مداولة بين أعضائها، أو غير ذلك.

 المواصفات التي يجب مراعاتها عند اختيار مكان التحكيم:

1ـ يفضل أن يكون المكان قريبًا من الخُصوم وممثليهم.

2ـ ويكون قريبًا من الشهود مما يشجعهم على الحضور للإدلاء بشهادتهم.

3ـ قريبًا من محل النزاع لتيسير معاينته إن لزم الأمر.

4ـ أن يكون التحكيم في بلد يسهل دخوله من المحكمين الأجانب، أو الشهود، أو الخبراء.

5ـ أن يتوافرمكان ملائم للاجتماعات. ولا يخضع لسلطة، أو نفوذ أحد الطرفين.

6ـ يمكن تنفيذ الحكم الصادر فيه دون مشاكل، أو صعوبات.

ولا يلزم أن يكون لمكان التحكيم صلة بدولة، أو مدينة مكان النزاع، أو صلة بجنسية الطرفين، أو أحدهما.

ملحوظة

فى التحكيمات الدولية جرت العادة على أن يختار الطرفان، أو هيئة التحكيم مكانًا محايدًا لا ينتمي إليه أي من الطرفين.

 ولهذا. .

يجوز للهيئة الاجتماع في أي مكان آخر، تراه مناسبًا للقيام بإجراء من إجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع، أو الشهود، أو الخبراء، أو الاطلاع على مستندات.

يجوز للهيئة عدم عقد أية جلسات مكتفية بالتبادل الكتابي للمذكرات والمستندات ويتبادل الرأى بالمراسلة بين أعضائها.

وهو ما أكدته المادة (16/3) قواعد اليونسترال، والمادة (20/2) قانون نموذجي، والمادة (28) تحكيم، والمادة (28) تحكيم أردني.

تنبيه. .

يجب التفريق بين المكان المادي للتحكيم، وهو المكان الذي تنعقد فيه جلسات التحكيم، وبين مكان التحكيم كفكرة قانونية (أى مقر التحكيم Seat of arbitration)، وهو المكان الذي تترتب عليه الآثار القانونية، مثل القانون الواجب التطبيق، أو مكان تنفيذ الحكم.

ولهذا؛ فإنه رغم عقد جلسات التحكيم في أماكن مادية مختلفة، إلا أنه لابد من تحديد مكان قانوني للتحكيم لما لهذا التحديد من آثار قانونية هامة.

 ملحوظة

مخالفة الهيئة للمكان الذي اتفق عليه الطرفان، أو للمكان الذي قررت اختياره لا يترتب عليه بطلان الإجراءات، ولكن يجوز للطرف المضار الرجوع على الهيئة لتعويضه عما أصابه من ضرر، من جراء هذه المخالفة.

 لغة التحكيم:

- إذا كان التحكيم يجري في مصر كانت لغة التحكيم هي اللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على لغة أخرى.

نص المادة 20 تحكيم.

- كما يحق لأطراف النزاع جعل المرافعة بلغة، والأوراق بلغة، والحكم بلغة، فيجب اتفاق. (29/1 تحكيم).

فإذا لم يتفق الطرفان على لغة التحكيم حددتها هيئة التحكيم، ويرى قرارها كما تقدم على كافة أوراق التحكيم (م 29 تحكيم وأيضًا المادة 16 من نظام غرفة التجارة الدولية بباريس).

نص المادة 22 القانون النموذجي:

للطرفين حرية الاتفاق على اللغة، أو اللغات التي تستخدم في إجراءات التحكيم؛ فإن لم يتفقا على ذلك بادرت هيئة التحكيم إلى تعين اللغة، أو اللغات التي تستخدم في هذه الإجراءات، ويسري هذا الاتفاق، أو التعيين على أي بيان مكتوب يقدمه أي من الطرفين، وأي مرافعة شفوية، وأي قرار تحكيم، أو قرار، أو أي بلاغ آخر مصدر من هيئة التحكيم ما لم ينص الاتفاق على غير ذلك.

نص المادة 12 من محكمة القضاء على أن "تتولى هيئة التحكيم تحديد لغة، أو لغات دعوى التحكيم مع الأخذ في الاعتبار شروط التعاقد بما في ذلك لغة العقد".

(د.عبد المنعم زمزم، التحكيم الإلكتروني، المرجع السابق، ص 214).

نص 67/10 من قانون التحكيم التونسي:

القانون رقم 42 لسنة 93 الصادر في 26 إبريل 1993.

نص المادة 29 تحكيم عمان:

نص المادة 16 من نظام غرفة التجارة الدولية بباريس

تحدد محكمة التحكيم ـ ما لم يوجد اتفاق مخالف ـ لغة، أو لغات التحكيم أخذه بعين الاعتبار جميع الظروف ذات الصلة، بما فيها لغة العقد.

نص المادة 20 من قواعد التحكيم، والتسوية الودية بغرفة التجارة الدولية بباريس.

(إذا لم يتفق الأطراف على لغة التحكيم تحدد هيئة التحكيم لغة، أو لغات التحكيم مع أخذ جميع الملابسات ذات الصلة بعين الاعتبار، بما في ذلك لغة العقد).

نص المادة 28/1 تحكيم أردني:

أ- يجرى التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على ذلك، أو تحدد هيئة التحكيم لغة، أو لغات أخرى، ويسري حكم الاتفاق، أو القرار على لغة البيانات، والمذكرات المكتوبة على المرافعات الشخصية، وكذلك على كل قرار تتخذه الهيئة، أو رسالة توجهها، أو حكم تصدره ما لم ينص اتفاق الطرفين، أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك.

نص المادة 17/1 قواعد اليونسترال 94

مع مراعاة ما قد يتفق عليه الطرفان، تبادر هيئة التحكيم إثر تشكيلها إلى تعيين اللغة، أو اللغات التي تستخدم في الإجراءات، يسري هذا التعيين على بيان الدعوى، وبيان الدفاع، وكل بيان مكتوب آخر كما يسري على اللغة، أو اللغات التي تستخدم في جلسات سماع المرافعات الشفوية أن عقدت مثل هذه الجلسات.

وفقًا للمادة 29/1 من قانون التحكيم المصري

 "يجري التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان، أو تحدد هيئة التحكيم لغة، أو لغات أخرى".

وهو ذات ما نصت عليه قوانين التحكيم الأردني، والعماني، والسوري، والسوداني، والقطري، والبحريني، في حين أغفل الحديث عنها في قوانين التحكيم السعودي، والإماراتي، واللبناني (ملحق التشريعات العربية) 

وعلى هذا فإنه:

إذا كان التحكيم يخضع لقانون التحكيم المصري،أو العماني، أو الأردني، أو السوداني أو السوري، أو القطري؛ فالأصل أن يجري التحكيم باللغة العربية.

فتقدم الطلبات، والدفوع، والمذكرات، وتحرر الرسائل، والإعلانات، ويتم الترافع شفهيًا بهذه اللغة، كما تصدر قرارات الهيئة، وتدون محاضر الجلسات، ويصدر الحكم باللغة العربية.

يجوز للطرفين الاتفاق على أن:

يجري التحكيم بلغة أخرى غير اللغة العربية، وذلك سواء جرى التحكيم في الداخل أم في الخارج، وبالتالي تسري هذه اللغة على كل إجراء من إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم المحكمين. .

يجوز لهيئة التحكيم – عند عدم اتفاق الطرفين بشأن اللغة –

أن تقرر أن يجرى التحكيم بلغة غير اللغة العربية، وقد يكون معيارها في هذا الاختيار اللغة المستخدمة في صياغة العقد الأصلي.

ملحوظة

يجب أن يستند قرار الهيئة بتحديد لغة التحكيم إلى معيار موضوعي، وقد يتمثل في:

* لغة العقد والمستندات

* لغة الدولة التي اتفق الطرفان على اختيارها كمكان للتحكيم 

* لغة الدولة التي انعقد فيها العقد محل النزاع.

من الأفضل 

إذا كان الطرفان مختلفي اللغة، وكان المحكم يعرف اللغتين، فمن العدالة – عند عدم الاتفاق على لغة واحدة – أن يجري التحكيم باللغتين معًا.

لا يوجد مانع في أن ينص اتفاق الطرفين، أو قرار الهيئة على أن يجري التحكيم باللغة الإنجليزية على أن يصدر حكم المحكمين باللغة العربية.

 

وتنص المادة 29/2 تحكيم على أنه ـ وعلى مثله نصت التشريعات العربية سالفة الذكر: 

"لهيئة التحكيم أن تقرر أن يرفق بكل، أو بعض الوثائق المكتوبة التي تقدم في الدعوى ترجمة إلى اللغة، أو اللغات المستعملة في التحكيم، وفى حالة تعدد هذه اللغات يجوز قصر الترجمة على بعضها".

وهذا يدخل في السلطة التقديرية لهيئة التحكيم؛ فيجوز لها أن تقبل المستندات بلغتها الأصلية المخالفة للغة التحكيم، وأن ترفض طلب الخصم ترجمتها.

 



(1) ملحق التشريعات العربية 

(1)ملحق ـ التشريعات العربية.

(1)انظر أ. د: فتحي والي (قانون التحكيم في النظرية والتطبيق طبعة 2007)

(1) انظر أ. د: فتحي والي (قانون التحكيم في النظرية والتطبيق طبعة 2007)

(1) ملحق ـ التشريعات العربية