المطلب الثاني: تدوين المعلومات

المطلب الثاني: تدوين المعلومات

  وتأتي هذه المرحلة تلقائياً بعد الانتهاء من تدوين القائمة الأولية لمصادر البحث، وبيانات التعرف على ما أماكن وجودها، وقبل البدء بالقراءة للبحث، وتدوين المادة العلمية، يحسن الإعداد لها أولاً، ومعرفة الطرق السليمة، حتى يكون الباحث على علم بمتطلباتها.

 حيث تتبدى أهمية تجميع المعلومات والبيانات وتدوينها في أنها تعطي للباحث المادة الخام التي سوف يصنع منها بحثه. وبقدر وفرة هذه المعلومات والبيانات وتغطيتها لكل جوانب الرسالة، بقدر ما يسهل على الباحث إتمام بحثه بصورة جيدة،

 حيث تمثل مرحلة تدوين المعلومات والبيانات التي يحصل عليها الباحث من المراجع التي تتصل بموضوعه حلقة أساسية ومهمة في عمل الباحث. فحسن أداء الباحث لهذه المرحلة يسهل عليه ما بعدها من مراحل والتي تتمثل في كتابة البحث توطئة لإخراجه في صورته النهائية.

 وأهمية التدوين وضرورته أمر لا يحتاج إلى تبرير، وذلك أنه من المستحيل أن تعي ذاكرة الباحث كل ما يقرأ. فبغير هذا التدوين تتداخل المعلومات والبيانات في ذهن الباحث. فيضطرب التوثيق لديه. فضلاً عن أن كثرة الكلام يُنسي بعضه البعض ([1]).

 والتدوين أسلوب صالح للتعامل مع البيانات والمعلومات التي تتاح للباحث أياً كان مصدر هذه المعلومات والبيانات أي سواء أكانت أبحاثاً مكتوبة، أمْ إجابات عن أسئلة وردت في مقابلة أو استبيان.

 والتدوين في حقيقته هو نقل للمعلومات والبيانات التي تتعلق بموضوع البحث من مصادرها الأصلية بطريقة معينة وبإشارات خاصة، لكي يستطيع الباحث أن يرجع إليها كلما احتاج ذلك بسهولة ويسر.

 وتدوين المعلومات إما أن يكون تدويناً تقليدياً أي على أوراق وبطاقات، وإما أن يكون تدويناً آلياً. والتدوين سواء أكان يدوياً أم تدويناً آلياً فإن له نظمًا ينبغي على الباحث أن يتبع بعضها أو كلها.

وهو ما سوف نبينه كما يلي:

الفرع الأول: أنواع التدوين

 التدوين إما أن يكون تدويناً يدوياً، وإما أن يكون تدويناً آلياً وذلك على النحو التالي:

أولاً: التدوين اليدوي:

 ونعني به أن يقوم الباحث بقراءة مصادره ومراجعه ثم يعمد إلى عملية فرز المعلومات والبيانات الموجودة في المصدر ليحدد ما يتصل بموضوعه. ثم يقوم بنقل هذه الأجزاء إلى بطاقات ورقية معدة لهذا الغرض ليحتفظ بها وفقاً لأسس وقواعد تحكم عملية التدوين والتي سوف نتناولها عند الحديث عن نظام البطاقات في تدوين المعلومات فيما بعد.

 وعلى ذلك فإن التدوين لا يتناول إلا المعلومات والبيانات التي تتصل بموضوع البحث. وفي التدوين اليدوي كما هو واضح يقوم الباحث بنقل المعلومات والبيانات بيده على البطاقات، ثم يرتبها بترتيب أجزاء الخطة. ويمتاز التدوين اليدوي بسهولة الرجوع إليه في كل وقت. ثم أنه يعطي للباحث خريطة حقيقية عن شبكة المعلومات والبيانات المتوفرة لديه. وعن الأجزاء التي توافرت لها كمية مناسبة من هذه المعلومات والبيانات، وعن الأجزاء التي لم يتوافر لها ذلك.

 كما يتميز التدوين اليدوي بأنه يوفر قدراً كبيراً من الأمان للباحث إذ أن المعلومات والبيانات التي يتحصل عليها تكون دائماً بين يديه، ومن ثم فإنها تستعصى على عبث الغير أو التلف لأي سبب من الأسباب.

 ومن أهم نظم التدوين اليدوي، التدوين في البطاقات، ونظام الملف، ونظام الكراسة.

ثانياً: التدوين الآلي:

 ونعني به أن يقوم الباحث بحفظ وتدوين المعلومات والبيانات التي يحصل عليها من المراجع والمصادر المتعددة على جهاز الكمبيوتر ويتطلب ذلك بالضرورة إمكانية التعامل مع هذا الجهاز. وهو أمر أيضاً أصبح متاحاً. بل أصبح التعامل مع أجهزة الحاسب هي سمة العصر.

 ولا شك أن حفظ وتخزين المعلومات والبيانات على جهاز الحاسب الآلي يتميز بسهولته وبساطته، فضلاً عن سهولة استرجاعه عند الحاجة إليه، وقت الكتابة أو في أية مرحلة يريدها الباحث.

 ولا يخرج الأمر عن أن الباحث سوف يدخل خطة بحثه على الكمبيوتر ويرمز لكل جزء منها بمفتاح معين ثم يدخل المعلومات والبيانات التي يحصل عليها وفقاً لهذه المفاتيح في ملفات يسهل عليه الرجوع إليها في أي وقت يريد، وبسهولة وبسرعة كبيرة.

 على أن هذه المميزات للتخزين الآلي لا ينفي خطورة هذه الوسيلة عند تعرض جهاز الكمبيوتر لأي عارض يؤثر في كفاءته كالفيروسات التي تدمر خلايا المعلومات داخله ومن ثم يفقد الباحث كل مصادره ومعلوماته وبياناته في لحظة واحدة، وكذلك الاستخدام الخاطئ للجهاز الذي قد يؤدي إلى اختفاء بعض الملفات أو فقدانها من الجهاز دون قصد أو غير ذلك من العوارض التي يمكن أن تقلل من كفاءة هذا الجهاز.

 ولخطورة النتائج التي تترتب على حدوث مثل هذه المشاكل يبقى الاكتفاء بالتدوين الآلي لمصادر المعلومات والبيانات مغامرة غير آمنة تماماً. ولذلك فإنه من الصواب أن يجمع الباحث بين طريقتي التدوين اليدوي والآلي.

 ويترتب على ذلك أن طريقتي التدوين اليدوي والآلي يتكاملان معاً للحفاظ على جهد الباحث وضبطه في مساره الصحيح. ولما كان التدوين يمثل مقدمة للكتابة، فإنه يبقى صحيحاً القول بأن صحة المقدمات تؤدي بالتأكيد إلى صحة النتائج.

الفرع الثاني: نظام البطاقات في تدوين المعلومات

 وتدون المادة العلمية للبحث على البطاقات المخصصة للبحوث، وهو الطريق السليم والمكان المناسب على المدى القصير والطويل لعملية البحث، إذ سماكة البطاقة تجعلها أكثر تحملاً للتداول، وإعادة النظر عليها مرة بعد أخرى، ومن ثم سلامتها من التلف، مع مرور الزمن، إلى جانب أنه سيكون من السهل مستقبلاً لدى البدء بالكتابة استعراضها بشكل منظم وفق تصور الباحث للموضوع، وبعض الطلاب يلجؤون إلى الكتابة في أوراق، أو دفاتر أو كراريس، اعتقاداً أنه أكثر اختصاراً للوقت، وأنسب من حيث الثمن، واستمراراً لما اعتادوا، ولكن سيتضح على المدى الطويل، وبخاصة عند كتابة البحث أن الكتابة على البطاقات أحفظ، وأن الرجوع إليها وتنظيم الأفكار تقديماً وتأخيراً بسبب مرونة ترتيبها أيسر من الناحية العملية(60).

 ويفضل الحجم الكبير من البطاقات لتستوعب النص المقتبس مهما كانت مساحته من غير حاجة إلى بطاقة أخرى، أو اللجوء إلى الكتابة على الوجه الآخر، وعلى الباحث تخصيص كل فكرة ببطاقة، فربما يعرض للباحث أن يضيف لها بعض المعلومات، أو التعليقات مؤخراً فيجد لها مجالاً واسعاً، وبالإمكان تدوين معلومات متعددة لعنصر واحد من مصدر أو أكثر على بطاقة واحدة إذا كانت المعلومات قصيرة، شريطة أن تستكمل كل معلومة منها التوثيق الخاص بها، ويُرسم تحت كل واحد منها خط للفصل بينهما، إلا أن البعض يرى أن لا يكتب أكتر من معلومة واحدة على البطاقة، ولا يعتبر ذلك تبزيراً، بل هو من الجود الممدوح.

 ويحرص الباحث أن يكون مزوداً دائما بالبطاقات ويصحبها معه كلما أراد القراءة لموضوع البحث حتى تصبح هذه عادة ملازمة له، وأن يجعل بين يديه دائماً قائمة المصادر الأولية، وخطة البحث، حتى يتمكن من الحصول على ما يريده من مصادر بسهولة من خلال بيانات أماكن العثور عليها وأرقامها، أما اصطحاب عناصر الخطة فلكي يتدرج في البحث وفقها، وكثيراً ما يطرأ على ذهن الباحث لمحة من فكرة، أو حل لمشكلة أو كلمات وجمل معبرة تنفذ إلى الهدف، وتفي بالغرض، فمثل هذه الأشياء العارضة غالباً ما تكون قيمة، وهي سريعة الإفلات والنسيان كسرعتها عندما عرضت على الذهن، وضمان الاستفادة من هذه الأفكار الخاطفة هو تدوينها في الحال من غير تباطؤ، ويذكر أن كثيراً من الناس يحرصون دائماً على وجود قلم وورق، إلى جانب فراش النوم، كما أن محاولة الاحتفاظ بدفتر صغير، أو سجل خاص في جيبك، أو حقيبتك مفيد جداً لتدوين للأفكار الطارئة، التي يمكن فيما بعد نقلها إلى ملف خاص إذا ثبتت فائدتها، وربما تقودك المصادفة لدى سماع الإذاعة، أو مشاهدة التلفزيون، أو قراءة مقالة في صحيفة إلى بعض الأفكار مما له صلة بموضوع تفكر فيه أو تبحث عنه، فسجل كل هذه من غير تردد، مع تسجيل الزمان والمصادر(61).

أولاً: تنظيم البطاقات:

 يمكن أن تتخذ خطة خاصة لتبويب البطاقات وتنظيمها طبقاً للإمكانات المتوافرة، ولكن الطريقة النظامية والسهلة هو أن تتبع ما يأتي:

  • تصنيف البطاقات إلى مجاميع بحسب الموضوعات: أو الخطة، او المنهج الذي سيتبع في دراسة الموضوع.
  • توضع كل مجموعة في صندوق: أو ملف خاص مكتوباً عليه عنوان موضوع كل مجموعة، وعمل فهرسة مختصرة لمحتويات كل منها تحت العنوان العام.
  • وضع أرقام متسلسله: طبقاً للمنهج الدراسي في السير في الموضوع لكل مجموعة من الملفات، أو علب البطاقات.
  • تخصص بطاقات معينة فهرساً عاما لما تحويه الملفات: أو علب البطاقات مما يضمن سهولة الحصول على المعلومات المدونة في البطاقات في شكل مفصل، وفى النهاية سيجد الباحث أنها مرتبة في فصول، وأبواب، وتقسيمات أساسية وثانوية، وإن عمل هذه الفهارس مفيد وبشكل خاص لطلبة الدراسات العليا، ومن له صلة قوية بالبحوث، ومن الأفضل أن تكون الطريقة في تنظيم البطاقات سهلة ومبسطة بقدر الإمكان.

 وعلى الباحث أن يخصص بعض البطاقات تحت عنوان يكتب فيها ما يتصل ببحثه اتصالاً ضعيفاً، لأنه قد يحتاج إليها يوماً، وعليه إبقاء عملية الجمع مفتوحة، فكلما عثر الباحث على مصدر أو مرجع جديد فيه معلومات مفيدة لبحثه أو متعلقة به، كتب على بطاقات، ووضعها في مكانها المناسب في الملف.

ثانياً: طرق نقل المعلومات من المصادر:

 تتنوع طرق نقل المعلومات من المصادر والمراجع حسب اعتبارات كثيرة: الهدف، الأهمية، اهمية القائل، المناسبة…الخ، فأحيانا يقتضي الحال نقل النص كاملاً بحذافيره، وأحيانا يستدعي الأمر اختصاره، أو إعادة صياغته، أو فيما يأتي شرح لهذه الأنواع ومناسبة استخدام كل منها، وهي:

 نقل النص كاملاً:

 ينقل النص كاملاً ودون تغيير في الحالات الآتية:

  • النص من القرآن الكريم، أو السنة المطهرة، او الكتب المقدسة.
  • إذا كانت تعبيرات المؤلف وكلماته ذات أهمية خاصة.
  • إذا كانت تعبيرات المؤلف مؤدية للغرض في سلامة ووضوح.
  • الخشية من تحريف المعنى بالزيادة، أو النقصان، وبخاصة إذا كان موضوعاً ذا حساسية خاصة.
  • في معرض النقض والاعتراض على المخالف لا بد من نقل كلامه نصاً، في مثل هذا النوع من النقل لا بد من العناية التامة في نقل النص الأصلي بعباراته، وعلاماته الإملائية، وحتى في أخطائه، ويتدارك هذا الخطأ مباشرة وذلك بتصحيحه ووضعه بين قوسين مربعين، أو يدون كما هو، ثم يدون بين قوسين مربعين كلمة ]هكذا]، وفي حال اقتباس جزء من النص لا بد من التأكيد أن الجزء المأخوذ من النص لا يؤدي إلى تغير المعنى، أو تشويه قصد المؤلف، ويتعين على الباحث هنا وضع النص بين قوسين حتى لا يتهم بالسرقة.
  • إعادة الصياغة:

 أن يعيد الباحث صياغة أفكار النص بأسلوبه الخاص، وهذا يتناسب إذا كان النص الأصلي يعتريه ضعف في التعبير، أو تعقيد في الأسلوب، أو عدم إحاطة بالأفكار، فيلجأ إلى إعادة صياغته بتعبير أقوى، جامع للأفكار التي يريد طرحها، والتغيير البسيط لبعض عبارات المؤلف، أو كلماته لا يعني إعادة صياغتها، كما أن هذا لا يسوغ نسبتها إلى الكاتب، والسبيل لتفادي مثل هذا هو قراءة الجزء الذي يريد إعادة صياغته، ثم يطوي الكتاب، ثم يبدأ في صياغة تلك الأفكار بعباراته وأسلوبه.

  • التلخيص:

 وذلك بأن يعمد الباحث إلى تلخيص موضوع كامل، أو فكرة بأكملها شغلت حيزاً كبيراً من الصفحات فيقوم بصياغتها بأسلوبه الخاص، من غير التأثر بالمؤلف حين وضعها في الإطار والصياغة، وكل ما يهتم به هنا الاحتفاظ بالفكرة والموضوع الرئيسي.

  • الاختصار:

 أن يقلص الباحث عبارات النص إلى مقدار الثلث أو الربع بطريقة مركزة جدا، مع الاحتفاظ بأسلوب المؤلف ووجهة نظره، واستعمال عباراته، وكلماته غالباً، وكل ما يفعله الباحث في النص هو حذف التوضيحات، والتفاصيل، وكل ما يمكن أن يستغني عنه في النص، ويتمكن القارئ من إدراكه دونه.

 وتكون الإشارة في الهامش إلى المصدر في الطرق السابقة الثانية والثالثة والرابعة بكلمة (راجع) أو (انظر)، ثم يدون اسم المؤلف، فعنوان الكتاب، ثم الصفحات، فقد جرى الاصطلاح أن تشير هذه الكلمة إلى تصرف الكاتب في النقل(62).

  • الشرح والتحليل:

 كثيراً ما يجد الباحث نفسه أمام نصوص تحتاج إلى شرح وتحليل لتبيين المراد منها، وإظهار أبعادها.

  • الجمع بين التلخيص أو الاختصار أو الشرح واقتباس النص:

 وتجتمع بعض هذه الأنواع من النقل مع الاستشهاد بالنص في ثنايا العرض حيث تقتضي المناسبة ذلك، كأن يتخذ الباحث من النص مقدمة لتلخيص فكرة أو شرح وتحليل لها.

  • الخطوط العريضة:

 وأحيانا يجد الباحث نفسه مضطراً إلى إجمال مضمون كتاب أو رسالة، أو نص، فيضعها في عناوين رئيسة بقصد تعريف القارئ عليها، أو إعطاء فكرة سريعة عنها حيث لا يكون لذكر التفاصيل أهمية، أو أنه ليس مكانها الملائم في البحث، في كل هذه الأنواع، وجميع الحالات لا بد من الإشارة إلى المصدر، وتوثيق المعلومات علمياً كما سبق توضيحه.

[1]) انظر: د/ جابر جاد نصار: المرجع السابق: ص 199.

[2]) انظر: د. عبد الوهاب إبراهيم ابو سلمان: مرجع سابق: ص، 99.

61) انظر: د. عبد الوهاب إبراهيم ابو سلمان: مرجع سابق: ص، 100 وما بعدها.

[4]) انظر: د. عبد الوهاب إبراهيم ابو سلمان: مرجع سابق: ص، 100.

 قد اعتاد بعض الباحثين، أو بعض طلاب العلم في المراحل الجامعية الأولى، على عدم التفريق بين المصدر والمرجع، أو المصدر الرئيس والمصدر الثانوي، ففي اللغة: المصدر هو: المنهج أو الأصل، وهو مشتق من الصدر، أو الصدارة في كل شيء. أي: تعني الأهمية والموقع المتقدم.

 وفي نطاق هذا الفصل يجدر بنا أن نبين كيفية الرجوع إلى المراجع والمصادر للحصول عليها من المعلومات والبيانات وضوابط هذا الرجوع وذلك كما يلي:

 تتبدى أهمية تجميع المعلومات والبيانات وتدوينها في أنها تعطي الباحث المادة الخام التي سوف يصنع منها بحثه. وبقدر وفرة المعلومات والبيانات وتغطيتها لكل جوانب الرسالة بقدر ما يسهل على الباحث إتمام بحثه بصورة جيدة.

 ولما كانت كيفية الرجوع إلى هذه المراجع يرتبط أساساَ بنوع هذه المراجع. فإنه يجدر بنا بيان هذه الأنواع. وبعد ذلك نبين كيفية تدوين هذه المعلومات. وذلك كما يلي:

 تأتي أدوات البحث العلمي في مرحلة لاحقة لتحديد موضوعه، ووضع خطة مبدئية لموضوع البحث؛ وفقاً للقواعد والأسس التي سبق وحددناها. وأدوات البحث العلمي هي مفترض ثابت في كل الأبحاث. فمن الصعوبة بمكان القيام ببحث علمي دون وجود هذه الأدوات. وإذا كانت أدوات البحث متوافرة لكل الباحثين فإن قدرة الباحثين على استخدام هذه الأدوات تتفاوت بتفاوت إمكانياتهم وقدراتهم على الفهم والتمحيص. ذلك أن البحث العلمي هو في حقيقته مهنة أو حرفة أو مهارة وليس وظيفة. ويبقى إجادة الباحث لمفردات هذه المهنة مرتبطا إلى حد كبير بقدراته الشخصية وسعة اطلاعه وقدرته على الترتيب والتنظيم، وتحليل المعلومات التي يحصل عليها.

 وسوف نتناول أدوات البحث العلمي وفق ترتيب العمليات التي يقوم بها الباحث في استخدام هذه الأدوات. فهذا الاستخدام يبدأ بتحديد المراجع المتصلة بموضوع البحث. ثم يقوم بتجميع المعلومات التي تتصل بموضوعه من هذه المراجع. وأخيراً يقوم بترتيب هذه المعلومات وتدوينها وفق اسس علمية محددة توطئة للاستفادة بها.

 وترتيباً على ذلك فسوف نقسم الفصل إلى ثلاثة مباحث كما يلي:

المبحث الأول: تحديد المراجع المتصلة بموضوع البحث.

المبحث الثاني: تجميع المعلومات.

وذلك على الوجه التالي:

سبق أن علمنا أن الخطوة الأولى في البحث تتضمن تحديد موضوع البحث، ووضع خطة مبدئية له. يعقب ذلك تحديد المراجع التي تتصل بموضوع البحث. وإذا كان الباحث أثناء اختيار موضوع البحث ووضع خطة مبدئية له يطلع على بعض هذه المراجع بصورة سريعة، فإن الخطوة التي نحن بصدد بحثها تختلف تماماً عن ذلك، فهذه الخطوة تتضمن حصر وتحديد المراجع المتصلة بالبحث.

وهي مرحلة تتسم بالدقة والصعوبة، إذ تقتضي من الباحث أن يطلع على مراجع شتى وفي أماكن كثيرة. وعليه أن ينقب فيها ويبحث عما يفيده من هذه المراجع في موضوع بحثه.

وتهدف المراجع إلى توفير المعلومات والبيانات التي سوف يستخدمها الباحث في صناعة بحثه. فهي المواد الأولية التي سوف يواجه بها موضوع البحث. وهى مصادر معلوماته وبياناته. وعلى ذلك فإنه بقدر هذه المصادر والمعلومات التي تأتي منها ما يأتي البحث منضبطاً وسليماً في أساسه العلمي وفروضه، وما يرتبه من نتائج([1]).

ومراجع البحث ومصادره ومعلوماته متعددة. إلا أنها تتكاتف لتأدية وظيفة واحدة. وهي توفير المعلومات والبيانات للباحث. ولذلك يستطيع الباحث ومعه الأستاذ المشرف أن يحدد أياً من هذه المصادر أنفع له في تحقيق هدفه.

وتأتي المكتبة وما تحويه من كتب في مقدمة هذه المصادر. فضلاً عن ذلك توجد الوسائل الميدانية والوسائل التكنولوجية الحديثة التي يتبعها الباحث للحصول على المعلومات والبيانات اللازمة لبحثه. وسوف نتناول كل هذه المصادر بالتفصيل كما يلي:

[1]) د/ جابر جاد نصار: مرجع سابق، ص 96.

قبل الدخول الفعلي في مرحلة الكتابة، يجب على الباحث أن يعرف القواعد الأساسية للكتابة. ولذلك سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين: نتناول في المطلب الأول: قواعد الكتابة. وفي المطلب الثاني: مراحل الكتابة.