المبحث الأول: تفسير حكم التحكيم
طلب التفسير وميعاده:
إذا شاب منطوق حكم التحكيم غموض، أو إبهام بحيث لا يتضح ما تضمنه من قرار؛ فإنه يحتاج إلى تفسير، وتكون سلطة تفسير حكم التحكيم لهيئة التحكيم التي أصدرته.
وقد استقرت الغالبية من التشريعات العربية على النص على هذه السلطة، ومنها قانون التحكيم المصري، فقد نظمت المادة 49 تحكيم هذه السلطة فتنص على أنه:
“1” يجوز لكل من طرفي التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يومًا التالية لتسلمه حكم التحكيم، تفسير ما وقع من منطوقه من غموض، ويجب على طالب التفسير إعلان الطرف الآخر بهذا الطلب قبل تقديمه لهيئة التحكيم.
“2” يصدر التفسير كتابة خلال الثلاثين يومًا التالية لتاريخ تقديم طلب التفسير لهيئة التحكيم، ويجوز لهذه الهيئة مد هذا الميعاد ثلاثين يومًا أخرى إذا رأت ضرورة لذلك.
“3” يعتبر الحكم الصادر بالتفسير متممًا لحكم التحكيم الذي يفسره، وتسري عليه أحكامه.
وقد اتفقت على ميعاد تقديم الطلب أغلب التشريعات العربية.
إذاً. . .
* طلب التفسير يكون غير مقبول إذا كان منطوق حكم التحكيم واضحًا لا يشوبه غموض.
* طلب التفسير يكون غير مقبول إذا لم يتعلق بمنطوق الحكم، كما لو تعلق بوقائعه، أو بأسبابه.
ملحوظة:
يجب إلا يؤخذ الأمر على نحو شكلي، ذلك أن المنطوق قد يوجد في الوقائع، أو في الأسباب، والقاعدة أن الحكم وحدة واحدة لا تتجزء يكمل بعض بعضًا.
تنبيه:
* يقتصر الحق في طلب التفسير على طرفي التحكيم.
* فليس لغيرهما طلبه، ولو كان صاحب مصلحة.
* ليس لهيئة التحكيم أن تقوم بتفسير حكمها من تلقاء نفسها.
ملحوظة:
ميعاد طلب التفسير يبدأ من تسليم طالب التفسير صورة من حكم التحكيم لهيئة التحكيم، وليس من صدور الحكم.
ولا يلزم لبدء ميعاد التفسير إعلان الحكم إلى طالب التفسير إعلانا رسميًا بورقة محضرين.
تحذير
إذا قدم طلب التفسير بعد انقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ تسليمه حكم لتحكيم كان طلبه غير مقبول.
فهذا الميعاد هو ميعاد سقوط يترتب على انقضائه، سقوط حق الطرف في طلب التفسير.
ملحوظة:
عدم قبول طلب التفسير لتقديمه بعد الميعاد لا يتعلق بالنظام العام؛ فيجب على الطرف الآخر الدفع به في الوقت المناسب.
يجوز للطرفين أن يتفقا في مشارطة التحكيم، أو في اتفاق لاحق، ولو بعد صدور حكم التحكيم، على تخويل هيئة التحكيم سلطة تفسير حكمها، ولو قدم طلب التفسير بعد انقضاء الميعاد.
يجب أن يعلن هذا الطلب، شأنه شأن أي طلب يقدم إلى هيئة التحكيم، إلى الطرف الآخر.
ولا يوجد ما يمنع من تقديم الطلب أولًا إلى الهيئة، ثم يتم إعلانه بعد ذلك، سواء من الطالب، أو من الهيئة نفسها، أو من مركز التحكيم الذي يجرى فيه التحكيم.
ملحوظة:
يتم إعلان الطالب وفقًا لما تنص عليه المادة 7 من قانون التحكيم، ولا يلزم إعلانه إعلانًا رسميًا بورقة محضرين.
الاختصاص بطلب التفسير:
تختص بطلب التفسير نفس هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم، ويجب أن تنعقد بنفس المحكمين الذين شكلوا هذه الهيئة.
فلا يسرى عليها ما هو مقرر بالنسبة لأحكام المحاكم من اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم بطلب تفسيره، ولو تغير القضاة الذين أصدروه.
وقد جرى العمل على أن الاختصاص بطلب تفسير حكم التحكيم، عند تعذر انعقاد الهيئة، أو عند انقضاء الميعاد المنصوص عليه، ينعقد للمحكمة المختصة بالدعوى وفقًا للقواعد العامة.
نظر الطلب والفصل فيه:
تنظر هيئة التحكيم طلب التفسير مواجهة بين الطرفين، كما هو الحال بالنسبة لطلب التحكيم.
على هيئة التحكيم أن تُمكن المدعى عليه من إبداء دفاعه بشأنه، وإلا تكن قد أخلت بحقه في الدفاع.
ملحوظة:
نطاق الخصومة في التفسير ينحصر في المجادلة حول غموض المنطوق.
ليس للأطراف عند نظر طلب التفسير أن يتمسكوا بدفوع لا علاقة لها بما في حكم التحكيم من غموض،
وليس للأطراف أن يناقشوا وقائع النزاع أو يقدموا مستندات متعلقة بها، أو مسائل قانونية جديدة.
تنبيه
يجب على هيئة التحكيم أن تقوم بتفسير الحكم تفسيراً منطقياً، بالنظر إلى أسبابه وعناصره الآخرى.
فإذا لم تكن عناصر حكم التحكيم كافية لتفسيره، فيمكن الالتجاء إلى عناصر أخرى في القضية كطلبات الخصوم، والأوراق المقدمة في الخصومة.
وفى جميع الأحوال يجب على الهيئة أن تعمل على الكشف عن القرار الذي يتضمنه الحكم فلا تتخذ من التفسير وسيلة لتعديل حكمها، أو للحذف منه، أو الإضافة إليه.
يجب أن تصدر الهيئة حكمها بالتفسير”كتابة خلال الثلاثين يومًا التالية لتاريخ تقديم طلب التفسير لهيئة التحكيم، ويجوز لهذه الهيئة مد هذا الميعاد ثلاثين يومًا أخرى إذا رأت ضرورة لذلك”.
وهذا الميعاد متفق عليه في أغلب التشريعات العربية فيما عدا قانون التحكيم السوري، والذي حدده بخمسة عشر يومًا، وقانون التحكيم الإماراتي الذي حدده بثلاثة أشهر.
يصدر حكم التفسير في نفس الشكل الذي يصدر به حكم التحكيم، على أنه لا يلزم أن يحتوى على صورة من اتفاق التحكيم، وإنما يجب أن يشتمل بدلًا من ذلك على بيان الحكم المطلوب تفسيره، والعبارة المطلوب تفسيرها.
ويعتبر الحكم الذي يصدر بالتفسير مكملًا للحكم الذي يفسره، وتسري عليه أحكامه.