منازعات الملكية الفكرية
الخصائص العامة للطرق البديلة في تسوية منازعات الملكية الفكرية
خصائص الوسائل الودية
تخضع الوسائل الودية لمبدأ الحرية التعاقدية، و يفترض هذه الوسائل بغية نجاحها توافر حسن النية لدى أصحاب العلاقة أي المتنازعين أنفسهم في الوصول إلى حلول سريعة ومرضية، ويتجسد ذلك بالمشاركة فعلا فإذا امتنع أحدهما انتهي المسعي للتوافق والتصالح، وهذا خلاف ما يجري في التحكيم، حتى لا يؤدي امتناع أحد المتنازعين عن المشاركة إلى وقف الاجراءات ولا يحول دون صدور قرار تحكيمي.
أولأ: تنشأ منازعات الملكية الفكرية عادة بين شركات كبيرة وهذه الشركات في معظم الأوقات ترتبط مع بعضها البعض بعلاقات مستمرة وأن أهمية استمرارية هذه العلاقات بين الأطراف تكون محور هام، لذلك فإن هناك حرص شديد للوصول إلى تسويات ودية في حالة النزاعات وذلك للمحافظة علي استمرارية العلاقة بين أطراف النزاع.
ثانيا: إن تسوية منازعات الملكية الفكرية بالطرق العادية تكون باهظة التكاليف بشكل عام وخصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار مدى تعقيد الاجراءات وبالأخص عندما يتعلق النزاع بأمور ذات تقنية عالية، وبالتالي فإن اتباع الطرق البديلة في حل المنازعات يكون أقل وخاصة في الدول التي تتقاضي رسوم عالية في التقاضي أو التي تكون فيها أتعاب المحامين باهظة.
ثالثا: ثيعد عامل الوقت من العوامل المهمة في منازعات الملكية الفكرية وذلك نظرا للتطور التكنولوجي المتسارع، وبالنسبة لإجراءات التقاضي فإنها تأخذ وقت طويل وقد تكون التكنولوجيا التي تم النزاع عليها فقدت قيمتها بسبب هذا التطور التكنولوجي، وبالتالي يكون من الأفضل اتباع الطرق البديلة لتسوية النزاعات التي تعتبر إجراءاتها أسرع بشكل ملحوظ مقارنة بالتقاضي.
رابغا: إن منازعات الملكية الفكرية تكون عادة معقدة وتحتوي علي مستوي عال من التكنولوجيا المتطورة مما يجعلها معقدة الحل وتحتاج في هذه الحالات لتدخل خبراء في مجال المنازعة ذاتها بالإمكان حل المنازعات وتسويتها خصوصا أن هذه الخبرات ليست متوفرة دائما لدي أجهزة القضاء الإداري.
خامسا: إن منازعات الملكية الفكرية يعتمد بشكل رئيسي علي السرية التامة وبالتالي إذا ما تم عرض النزاع المتعلق بالملكية الفكرية علي القضاء بأنه بذلك سينتفي عنصر السرية لأن القضاء بشكل عام علني، وبالتالي فإن الالتجاء إلى الطرق البديلة يكون أضمن وأفضل لتفادي أي كشف للأسرار.
سادسا: إن منازعات الملكية الفكرية غالبا ما تتعدي الحدود الوطنية بل أنها تتميز بالطابع الدولي وينشأ هنا اختلاف بين الطابع الوطني للمقاضاة أمام المحاكم الوطنية والنطاق الدولي للنزاع المرفوع إلى القضاء.
وبالتالي يظهر هنا دور الطرق البديلة في حل هذه الخلافات وايجاد السبل والطرق الأسهل والأفضل التي يتفق عليها الأطراف لحل النزاع.
1 / قلة الإشكاليات
من خصائص هذه الوسائل هو قلة الإشكاليات والاجراءات المطولة والمعقدة كما هو الحال عليه في القضاء التقليدي والتحكيم، حيث أن اجراءات هذه الوسائل مبسطة، ومرنة وطوعية وتوافقية علي اعتبار أنها معدة أصلا لفتح الباب أمام المتنازعين للسعي وبحسن نية إلى تحقيق حلول ملائمة وفعالة لجهة حل النزاع وديا وحفظ مصالحهم واستمرار نشاطهم، فالإطار غير الرسمي لهذه الوسائل وقلة الشكليات يشكل الميزة الأساسية من الوسائل مقارنة مع القضاء والتحكيم، من حيث أن الحل الذي تقدمه هذه الوسائل لا يخضع لتطبيق الاجراءات القانونية والقواعد التشريعية الأخرى.
2 / مبدأ الوجاهة
يفترض العمل بهذه الوسائل مبدأ الوجاهية كما هو الحال في التحكيم والقضاء، فالمحكمون والقضاة ملزمون باحترام حقوق الأطراف في الدفاع، وهذا المبدأ مكرس في القانون اللبناني، وبقية القوانين المقارنة ويعتبر أساس الدعوي القضائية والتحكيمية. ففي الوسائل الودية لا يستوجب علي الوسيط أو الموقف دعوة الطرفين المتنازعين للاجتماع معا ولا يجوز احاطة أحد المتنازعين علما بما سمعه واستلمه من الأخر بدون موافقة هذا الأخير، كما لا يفترض أن يكون اجتماع الوسيط أو من يحل محله مواجهة الأطراف أو حتي بالطرفين المتنازعين بل قد تتم الاتصالات والاجتماعات بالهاتف أو الفيديو أو بالتواصل بأي وسيلة، وتمارس هذه الوسائل حتي عند تعدد الأطراف وهو متعذر في التحكيم بالنسبة للطرف الذي لم ينضم إلى اتفاقية التحكيم، ويتضح مما سبق أنه ليس لهذه الوسائل ثمة وجه إلزامي، لأنها تقوم علي مبدأ التراضي.