المبحث الأول: الإطار الشخصي وتأثيره في البحث العلمي

الفصل الثاني: الأطر الحاكمة للبحث العلمي

 نتناول في هذا الفصل الإطار الشخصي للبحث العلمي ويشمل الأشخاص الذين يتصلون بعملية صناعة البحث العلمي في مبحث أول، أما المبحث الثاني فنتناول فيه الإطار الموضوعي للبحث العلمي. وذلك على التفصيل التالي حيث إنه يمثل جوهر عملية البحث العلمي. فهو يتصل أولاً باختيار موضوع البحث، ثم وضع خطة لدراسة بحثه. وتحديد الأدوات التي يلجأ إليها الباحث في هذه الدراسة.

المبحث الأول: الإطار الشخصي وتأثيره في البحث العلمي

 يقصد بالإطار الشخصي الأشخاص الذين يتصلون بصورة مباشرة بعملية صناعة البحث العلمي. فإذا كان البحث في نهاية الأمر ينسب إلى الباحث؛ باعتباره جهده العلمي. فإن ثمة بحوث لا يستقل الباحث بالقول الفصل في تمامها، ويقصد بها الرسائل التي تقدم للحصول على درجة علمية مثل الماجستير والدكتوراة. وهذه الأبحاث تقدم إلى الأقسام العلمية بالجامعات ويقتضي الأمر أن تعد بإشراف أحد الأساتذة المتخصصين في موضوعها([1]).

  وعلى ذلك فإن الإطار الشخصي للبحث هو الباحث والمشرف على البحث. وهما جناحان متكاملان يتكاتفان معاً لإخراج بحث جيد نافع. ولذلك حق علينا أن نلقي الضوء على طرفي البحث. الباحث، والمشرف على البحث. وذلك كما يلي.

 المطلب الأول: الباحث

   هناك عدد من الأشخاص الذين يعملون في البحث العلمي: فمنهم من هو مؤهل دراسياً لذلك، ومنهم من اعتمد على جهده الشخصي. إذن فمن الباحث؟

 الباحث: هو شخص توافرت فيه الاستعدادات الفطرية، والنفسية بالإضافة إلى الكفاءة العلمية المكتسبة التي تؤهله مجموعة للقيام ببحث علمي، فالتأهيل العلمي المسبق في مجال البحث، والتزود من المعارف بقدر كاف يعتبر مطلبًا أساسيًا لإيجاد الباحث المختص، وتكوين شخصيته العلمية.

 والباحث هو من له القدرة على تنظيم المعلومات التي بين يديه التي يريد نقلها إلى القارئ تنظيماً منطقياً له معناه ومدلوله، مرتباً أفكاره ترتيباً متسلسلاً، في أسلوب علمي رصين، بعيد عن الغموض والإطالة، حيث إنه يمثل الركن الركين في البحث العلمي، إذ أن البحث العلمي يمثل ثمرة مجهوده. فهو الذي يبحث وينقب في المصادر والمراجع ليصل إلى ما فيها من علوم وفنون تخدم بحثه.

  فالبحث العلمي مهنة شاقة إذ أنه يقتضي البحث والتنقيب، وتقليب الأمور على وجوهها المختلفة، وفحص الآراء والترجيح بينها، والوصول إلى نتائج محددة. وهذه وتلك عمليات مركبة ومتداخلة تحتاج من الباحث إلى خصال عديدة وملكات شخصية فريدة، واطلاع واسع، وثقافة مديدة، وعلم بالتراث، وقدرة على تفهم الأمور وثبر أغوارها.

 والبحث العلمي بهذا المعنى، على ما يرى البعض، إنما هو ” موهبة تمنح لبعض الناس ولا تمنح لآخرين، فالبحث خلق وإبداع، وهي قدرة خاصة تبرز أو تتألق لدى بعض الأفراد، وتتضاءل أو تنعدم عند آخرين”([2]). وإذا كان هذا القول صحيحاً إلى حد كبير نظراً لأن الواقع العلمي يثبت صحته في فروض كثيرة، فثمة طلابٌ تفوقوا في المراحل الدراسية (ليسانس أو بكالوريوس) إلا أنهم لم يحققوا نجاحات تذكر في عملهم كباحثين. فمنهم من توقف إنتاجه عند مرحلة معينة، ومنهم من لم يكن له إنتاج علمي على الإطلاق. وهو أمر تحوَّط له قانون تنظيم الجامعات في مصر رقم 49 لسنة 1972 إذ نص في مادته 155 على أن ينقل المعيد إلى وظيفة أخرى إذا لم يحصل على درجة الماجستير أو على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا، بحسب الأحوال، خلال خمس سنوات على الأكثر منذ تعيينه معيداً. أو إذا لم يحصل على درجة الدكتوراة أو ما يعادلها خلال عشر سنوات على الأكثر منذ تعيينه معيداً في الأحوال التي لا يلزم للحصول على هذه الدرجة سبق الحصول على درجة الماجستير أو دبلومي الدراسة العليا بحسب الأحوال“([3]).

  كما نصت المادة 156 “ ينقل المدرس المساعد إلى وظيفة أخرى إذا لم يحصل على درجة الدكتوراة أو ما يعادلها خلال خمس سنوات على الأكثر منذ تعيينه مدرساً مساعداً

 ولذلك فإن كثيراً من الفقهاء اهتموا ببيان الصفات التي يجب أن يتحلى بها الباحث ([4]) من الصفات الواجب توافرها في شخصية الباحث: الأمانة العلمية، والصبر والتأني، والإخلاص والرغبة.

الفرع الأول: الأمانة العلمية

  وتلك صفة لا مناص من توافرها في كل باحث. فافتقار الباحث تلك الصفة يهوى به إلى قاع الفشل وينأى به مسافات شاسعة عن أي نجاح. وتتمثل في نسبة الأفكار والنصوص إلى أصحابها مهما تضاءلت، وهي عنوان شرف الباحث، وقديماً قالوا إن من بركة العمل أن ينسب القول لأهله ، وقد سبق للعرب أن اهتموا بفضائل الباحث الخلقية واعتبروها حجر الأساس في المعيار الفكري الذي يقوم الباحث بإنشائه، فقد نبه الإمام مالك بن أنس: ت179هــ  على أنه لا يؤخذ علم الحديث- وهو أول العلوم تصنيفاً عند العرب والمسلمين – من أربعة، بقوله:

  • لا يؤخذ الحديث من سفيه.
  • لا يؤخذ من صاحب هوى، يدعو الناس إلى هواه.
  • لا يؤخذ من كذاب يكذب في أحاديث الناس.
  • ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة، إذا كان لا يعرف ما يحدث به… إلى آخره (30).

 إن الباحث الديني – الحديث خاصة – أبدع طريقة رائدة في اكتساب المعرفة، ألا وهي الرحلة في طلب العلم، والتي تمتد في بعض الأحيان لسنوات عدة وعلى أقل تقدير لعدة شهور في سبيل التأكد من صحة حديث نبوي، وفي المرويات التي تبين مدى الدقة التي توخاها العلماء في جمعهم لحديث رسول الله – أن أحد الشيخين (البخاري – مسلم) سافرا عدة أشهر في سبيل الحصول على حديث نبوي، ذ ُكر له أن شخصاً يحفظ هذا الحديث، وهو بعيد عنه، فسافر إليه، وعندما وصل إلى الشخص المطلوب، وجده يدعو حصانه الطليق كي يمسك به، مدعيا أن في ثوبه شعيراً، وعندما أمسك الحصان لم يكن في ثوبه شيء، فشاهده الإمام المحدث، وعندها رفض أخذ الحديث عن هذا الرجل، وعدّه كاذباً، لأنه كذب على حيوان، فالأولى أن يكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- المتوفى.

 ولسوف يكون لنا مع هذه الصفة وقفات عند الحديث عن كتابة البحث واستخدام أدواته من معلومات وبيانات. على أننا أردنا في هذا الإطار أن نبرز ما لهذه الصفة من أهمية كبيرة؛ إذ أنها تعد عماد البحث العلمي وركنه الركين، فلن يستطيع باحث أن يضيف إلى العلم باباً جديداً إذا ما استحل سرقة أفكار غيره على أي وجه كان ذلك ([6]).

الفرع الثاني: الصبر

  وهو من أهم الصفات الواجب توافرها في الباحث، لأن لكل بحث متاعبه ومشكلاته، وعلى الباحث أن يتعود الصبر حتى يصير طابعاً لشخصيته، وبذلك يجعل الباحث شغله الشاغل في جميع الأوقات، وبهذا يستطيع اكتشاف جوانب غامضة لم يكن يراها في بداية بحثه فيتابع الأفكار بتأنٍ.

 حيث يتميز طريق البحث العلمي بأنه شاق وطويل، ومن حكمة الله في خلقه استيلاء النقص على عمل البشر، فكل باحث يبني لبنة في صرح العلم، فإذا خلص منها تطلع إلى أخرى وإذا فتح الله عليه باباً من أبواب العلم طرق باباً جديداً. وكلما ازداد علماً ازداد تواضعاً. ومن ذلك يتضح أن طريق العلم ليس له نهاية وهو سلسة متصلة الحلقات. وهذا الطريق يجب على من أراد الخوض فيه أن يعمل برفق وصبر كبيرين حتى يصل إلى بغيته وهدفه. والباحث هو في حقيقته شجرة مباركة مثمرة تنفع كل من يلجأ إليها بعلمه ونفعه ([7]).

الفرع الثالث: التأني

  وهو من لوازم الباحث الرئيسة، لأن إصدار النتائج بسرعة، ودون تقص، يوقع الباحث في تناقضات بين النتائج والمقدمات، فلا بد من التأني، كي يتمكن الباحث من تكوين الانطباع السليم حول موضوع بحثه، وتأسيس أحكام وتقديرات صحيحة.

الفرع الرابع: الإخلاص

  وهو روح العمل العلمي، وصفة ضرورية يجب على الباحث أن يتحلى بها، فهو القوة الدافعة للبحث، والتي تجعل الباحث يقوم بتقديم كل ما يملك في سبيل إنجاز موضوعه، لكن الإخلاص وحده لا يكفي لإنجاز عمل علمي، بل لابد من الصواب ومكوناته، وبهما أي: الإخلاص والصواب نصل إلى غايتنا وأهدافنا المنشودة بأقل زمن ممكن، وعلى هدى من العلم والتجربة.

 تلك كانت الصفات الأخلاقية، لكن هناك أمورا عملية تتعلق بالمعرفة والتحصيل العلمي، فالباحث يحتاج إلى العلوم، واللغات التي تساعده على قراءة كل ما يتعلق بموضوعه وفهمه فهما دقيقاً، وصحيحاً، مهما كلفه الأمر من كدّ وجدّ وسفر، وتحمل المشاق في سبيله، كما يحتاج الباحث إلى قدرة على النقد والتحليل، وتحري الحقيقة في كل ما يقرأ، لكي يختار بدقة ومهارة، ويعرض بحجة قوية منطقية، منظماً عمله، منسقاً، مبوباً، رابطاً أجزاء بحثه بلغة جيدة مشرقة، فلا يسلم تسليماً مطلقاً بالآراء التي سُبق بها، والتي قررها أسلافه، بل لا بد أن يفكر فيها ويمعن النظر في محتوياتها، لتبرز شخصيته في كل مراحل البحث، شخصية ايجابية مؤثرة، وليثبت الباحث سعة اطلاعه، وعمق تفكيره، وقوته في النقد والتبصر بما يصادفه من أمور (33).

 ولكي يصل الباحث إلى نتيجة مشرفة وبناءة في بحثه عليه أن يتبع الخطوات الإرشادية الآتية التي تعد بمثابة المساعدة لإتمام عملية منهجية التفكير:

1 التصنيف:

و تعتمد على أساسين:

  • التراكمية: وذلك في المعرفة بإضافة الجديد إلى القديم حيث إن كل علم جديد يقوم على أساس قديم، وهذه المعرفة التراكمية تسير في اتجاهين: رأسياً وأفقياً، أي اتجاه التعميق في بحث الظواهر نفسها والتي سبق بحثها، وذلك من منظور جدي، واتجاه التوسع والامتداد إلى بحث ظواهر جديدة ٠
  • التنظيم: أي لا نترك أفكارنا تسير بلا ضابط، وإنما نرتبها وننظمها في وعي من أجل تحقيق أفضل تخطيط ممكن للطريقة التي نفكر بها، وهذا يحتاج إلى عامل التركيز بسبب التشابك والتداخل في الكم الهائل من المعلومات التي يتعرض لها، فكان لزاماً أن نستخلص من هذا التشابك مجموعة الوقائع التي تهمنا في ميداننا الخاص.
  • الملحوظة المنظمة للظاهرة:

 إن الظاهرة الواحدة يمكن تناولها من زوايا متعددة، ولا يغيب عنا أن مفهوم الملحوظة لا يعتمد بالضرورة على مادة حسية، بل يحتاج إلى جهود ومعلومات واسعة من أجل تفسير المعطيات، وللجانب العقلي أثر قوي لا يمكن إغفاله.

  • صياغة المسألة:

 أو المشكلة، أو الظاهرة في أحد الأشكال الممكنة تصوراً، أو تعبيراً شفهياً، أو كتابياً، باستعمال الكلمات أو الأرقام أو الرموز.

  • الترابط:

 من مظاهر التنظيم العلمي، الترابط الذي تتصف به الجزئيات المتناثرة، فالعلم لا يكتفي بحقائق مفككة، وإنما يحرص على أن يكون من قضاياه نسقٌ محكمٌ يؤدي فهم أي قضية فيه إلى فهم الأخريات.

  • دراسة الأسباب:

 وأهمية دراسة أو التعرف على الأسباب الظاهرية للظواهر، حيث إن الغالب في الكثير من المسببات أن تكون لها أسباب، إلا أنها ليست ضرورة حتمية فهي خاضعة أولاً وأخيراً لتقديرات الله سبحانه وتعالى – وقضائه، وفي وقوعها أكثر من مسبب، ولا تعارض جوهري بين ارتباط النتائج بالأسباب، وبين قضية السببية.

  • المرونة:

 في استحداث البدائل خاصة عند اصطدامك بعائق لم يوضع له حساب.

  • الإلمام بالواقع المحيط كي نستطيع التوصل إلى الحل الأفضل:
  • الاستشارة:

 فقد يكون غيرك قد سبقك في حلول توفر عليك جهداً مضنياً، فعليك استشارة أصحاب الاختصاص في بحثك.

 وعلى الباحث أن يجيب عن الآسئلة الأتية قبل البدء بتحضير موضوع بحثه:

– هل هناك أهداف عامة تريد الوصول إليها ؟ .

– هل هناك عوائق أو احتياطات، وما فرصة حدوث كل من العوائق، وما الاحتياطات المناسبة لكل عائق ؟.

 – هل هناك قوانين أو مبادئ أو أعراف قد نصطدم بها في أثناء البحث ؟.

– كيف تصل إلى الهدف بأسرع وقت وبأقل قدر ممكن من الخسائر أو التكاليف؟.

 عند الإجابة بموضوعية وعلمية على هذه الأسئلة، على الباحث البدء في تحضير موضوع بحثه، أو تغييره، أو تعديل بعض نقاطه، ثم عليه ألا يكون أحد هؤلاء: فكثيرون من المحسوبين على (العلمية) يجدون في تحقيق مخطوط قديم فرصة أكثر سهولة وضماناً ويسراً لضمان مستقبلهم العلمي والوظيفي والاجتماعي، بدلاً من

إعمال الذهن لردم سدود عاتية تصب – هنا وهناك – في مسالك حياتنا المعاصرة… ولحفر قنوات جديدة في مستقبلنا القريب والبعيد… وكثيرون ممن يجبنون عن مجابهة الضغوط الفوقية الراهنة، لا يجدون للتعبير عن قدراتهم إلا الارتداد نحو الماضي، وتحولهم، كما يقول الفيلسوف الالماني / شبنغلر / إلى (منظفي أتربة أكاديميين)!!.

 وكثيرون ممن يتكئون على معطيات عقول أجدادنا الكبيرة، ولا يجدون في أنفسهم الدافع والمسوغ لإعمال عقولهم، ومقارعة تحديات القرن الحادي والعشرين.

 تلك هي أهم الصفات الأخلاقية والعلمية الواجب توافرها في شخصية الباحث المثالي، الذي نذر كل ما يستطيع وما يمتلك في سبيل الوصول إلى هدفه العلمي، وكل إنسان يستطيع أن يصطنع هذه الصفات لنفسه إذا لم تكن موجودة فيه، ما دامت النية الخيرة والإرادة القوية متوافرتين في شخصه، وإلا فعليه أن يبحث لنفسه عن ميدان آخر في ميدان المعرفة والبحث العلمي.

المطلب الثاني: أنواع البحوث

  هناك عدة أنواع للبحوث العلمية: منها على مستوى إعداد مقالة علمية أو أدبية…الخ، ومنها بحوث جامعية في المرحلة الأولى من الدراسة الجامعية تقدم كحلقات بحث عملية، يعدها الطالب أثناء العام الجامعي، ثم تطور الأبحاث فتصبح رسالة في مرحلة الماجستير، وأطروحة في مرحلة الدكتوراة.

الفرع الأول: بحث يعد لمؤتمر علمي أو لمجلة الكلية أو الجامعة أو ينشر في كتاب

   وهذا النوع من الأبحاث له مواصفات من حيث حجم المقالات وشكلها المحددين للبحث، وفق المخطط الرئيسي الآتي:

  • التمهيد: ينبغي لكل مقال أن يبدأ بتمهيد عام حول موضوع البحث الذي اختاره الباحث لدراسته وفحصه بعمق.
  • مجال البحث: يتوجه الباحث في هذا الجزء من دراسته إلى تسليط الضوء على موضوع البحث بشكل دقيق ومحدد، وبعيداً عن القضايا العامة المتعلقة بموضوع بحثه.
  • الهيكل الأساسي للبحث: يبدأ الباحث في هذا الجزء من دراسته في مناقشته للقضية وإثبات ما توصل إليه من القناعات التي ذكرها في الجزء الثاني / مجال البحث / وينبغي عرض القضية موضوع البحث بطريقة منسجمة مترابطة، فنوعية المناقشة وعمقها في هذا الجزء سيقومان دليلاً على تجربة الباحث وكفايته في الموضوع الذي اختاره، وعلى الباحث أن يتحاشى كثرة الاقتباسات وطولها، ويجب أن يؤيد الاقتباس نقاش الكاتب حول الموضوع بدلاً من أن يقوم بديلا عنه.
  • الاستنتاجات: ينبغي على الباحث عند الفراغ من نقاشه وتقديم أدلته أن يطرح النتائج المترتبة على نقاشه، وينبغي ألا يكرر الباحث – في هذا الجزء – ما سبق له أن عرضها من أدلة في الجزء الثالث من دراسته، لأن الاستنتاجات يجب أن تكون ببيانات منطقية مُنتقاة من الأدلة التي سبق للمؤلف عرضها من قبل في صلب دراسته.
  • النتائج المترتبة: ما دامت الاستنتاجات مستسقاة بثقة من نقاش المؤلف وأدلته، فالنتائج المترتبة هي كيفية انطباق هذه الاستنتاجات على الأوضاع المحلية والقومية والدولية.
  • التوثيق: لابد أن تكون البحوث والدراسات موثقة بصورة شاملة، فالتوثيق هو العلاقة المميزة للبحث الأكاديمي، وينبغي أن تكون أرقام الهوامش متسلسلة وتوضع في نهاية بحث، بدلا من وضعها في أسفل الصفحات، وهناك طرق عديدة للتوثيق.

الفرع الثاني: بحث على مستوى المرحلة الجامعية الأولى  (البكالوريوس – الإجازة)

  يتوخى في هذا النوع من البحوث الامتداد والتعمق، كما في الرسالة ([9]) والدكتوراة، ويلجأ إليه عادة، في سنوات الإجازة لامتحان الطالب في قدرته على جمع المواد، وترتيبها منطقياً، والتأليف بينها، والتدرب على الأمانة والدقة في النقد، والفهم ومحبة العمل، وهي أول خطوة للباحث في تدريبه على منهجية البحث، والرجوع إلى المصادر، ويكون عدد صفحات البحث حوالي عشرين صفحة، وحلقات البحث هذه لها أهميتها في طريقة تحصيل المعرفة، وفى طريقة تثبيت هذه المعلومات، وقد وجد من خلال التجربة أن هذه المعلومات هي الأكثر استمراراً في حياة الطالب بعد تخرجه، والأكثر عصيانا على النسيان.

  ومما يؤسف له أن أغلب الجامعات العربية، قد ألغت الرسالة التي كان يتقدم بها الطالب حين تخرجه من الجامعة، كمشروع تخرج في الدراسات الأدبية والنظرية، وظل نظام مشروع التخرج في الكليات العلمية، وحبذا لو عادت رسالة التخرج إلى كلية الحقوق واعتبارها مادة مستقلة كما هو في الكليات العملية، أما من جهة الإشراف على هذه البحوث فيفضل أن يكون الأستاذ المشرف من له خبرة وتجربة طويلة في مجال البحوث والكتابة العلمية.

الفرع الثالث: بحث لنيل درجة الدبلوم  (الماجستير، أو الماستر، أو الماتريز)

 وهذه التسميات جميعاً تدل على مرحلة تلى مرحلة الليسانس، ومدتها سنتان عموماً، وتشترط أغلب الجامعات، قبل البدء بتحضير البحث، سنة تحضيرية في دراسة بعض المواد المتعلقة بمجال التخصص، والغاية منها أن يحصل على تجارب أوسع في البحث والتحقيق تحت إشراف أحد الأساتذة المتخصصين، لتكون هذه التجارب مساعدة للباحث عند التحضير لرسالة الدكتوراة، ويكون التركيز فيها على مناقشة منهج البحث، لأن قيمة الرسالة لا ترتبط بعدد صفحاتها، بل بمنهجيتها، وأسلوبها، وما تكتشفه في موضوعها، وعدد الصفحات غير محدد فهي ما بين 120-200، والعبرة في النوع لا في الكم.

الفرع الرابع: بحث على مستوى الدكتوراة

 تلي مرحلة الماجستير ويتراوح مدة الدراسة فيها بين سنتين وأربع سنوات حسب الجامعات، والدكتوراة تسمية أكاديمية تطلق على البحث الذي يقدمه الطالب لنيل شهادة الدكتوراة في اختصاصه، وهي أرفع درجات البحث قيمة، وعلماً، ومنهجاَ، وهي أنواع متعددة:

  • دكتوراة فخرية: تمنحها بعض الجامعات لبعض العلماء البارزين، أو الأدباء المشهورين، وذلك استناداً إلى مكانة هؤلاء، وليس إلى بحث يتقدمون به للحصول عليها.
  • دكتوراة الجامعة: وتمنحها بعض الجامعات الفرنسية للطلاب الأجانب بناء على بحث يقدمونه للحصول عليها.
  • دكتوراة الحلقة الثالثة: لا توجد إلا في النظام الفرنسي، ومدتها سنتان على الأقل، وتنال بناءً على بحث تناقشه عادة، لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء.
  • دكتوراة الدولة: ومدتها ثلاث أو أربع سنوات على الأقل، وتمنح بناءً على بحث تناقشه عادة، لجنة مؤلفة من أربعة أعضاء.

 والبحث في مرحلة الدكتوراة يشترط فيه، إلى جانب ما يشترط في رسالة الماجستير من سلامة البحث وجودة الأداء، التقصي المتعمق، والإضافة إلى المعرفة، والجدة في الاكتشاف وأسلوب المعالجة، أما حجمه فغير محدد أيضا كبحث الماجستير، لأن التقويم يرتكز على النوع لا على الكم (35).

المطلب الثالث: الإشراف العلمي

  لا بد لكل حرفة، من معلم يشرف على الأفراد الراغبين بالانضمام إليها، من أجل تلقينهم أصول الحرفة، وإشرافه على تنفيذ هذه الأصول النظرية بشكل تطبيقي، وهنا يدخل عنصر الزمن طال أو قصر كأحد العناصر الرئيسة في تعلم حرفة ما، بالإضافة إلى الجهد المبذول، والدافعية والرغبة في الإنجاز على هدى من العلم والتجربة، وفي حال إتقان الحرفة، كانت تقام احتفالات ومراسيم من أجل ترقية الصانع الذي اجتاز الاختبار، إلى مرتبة أعلى وبموافقة معلمه الذي صار له والداً على المستوى المهني، وأحيانا على المستوى الاجتماعي، هذا في الحرف والأعمال اليدوية، فكيف تكون هذه العلاقة بين الأستاذ وطالبه في مجال الفكر والمعرفة؟، إن صلة الأستاذ المشرف بالطالب صلة الوالدين بولدهما، وصلة الصديق بالصديق، فيها الحزم والمحبة والتقدير، واللطف والحوار المتبادل المدعوم بالتشجيع وعدم تثبيط الهمة، أو السخرية والاستهزاء به من قبل المشرف لطالبه مهما كان عمله ناقصاً وخاصة في البداية، وعدم فرض آرائه مهما كانت صحيحة ومصيبة، والمشرف الذي يتمتع بهذه الروح العلمية والأخلاقية يغدو مثالاً يُحتذى لكل طلابه، وموضع ثقة لديهم، يرجعون إليه إذا اعترضت طريقهم مصاعب لا يستطيعون حلها أو تجاوزها، ويحاورونه في الرأي فيما توصلوا إليه من نتائج في أثناء بحثهم، مطمئنين إلى حكم من يتمتع بخبرة في البحث ونضج في المعرفة والثقافة وعلم بمنهجية البحث.

 و”… يضطلع بمهمة الإشراف العلمي عادة أساتذة متخصصون في الجامعات ممن لهم ممارسة طويلة في مجال البحوث العلمية تأليفاً وتوجيهاً، تهيئوا لهذا العمل الفكري القيادي من خلال تجاربهم الطويلة، ودراساتهم الجادة، وإنتاجهم العلمي الرفيع الخاضع للمقاييس العلمية والمعايير الجامعية المعتبرة، وهذا النموذج من العلماء المتخصصين هم الأكفاء، المهيئون فعلاً للإشراف العلمي، القادرون فعلاً على نقل الخبرات العلمية المتقدمة للأجيال الناشئة، والمشرف العلمي الجدير بهذا العمل هو الذي يحاول تجديد معلوماته ومعرفة ما استجد في مجاله العلمي، وكما يكون هذا بالقراءة، فإنه يتحقق أيضا بحضور الندوات العلمية وكتابة الأبحاث… “(36)، ولكن: هل تتفق جميع الجامعات على أن يكون الأستاذ المشرف بمرتبة أستاذ أو أستاذ مساعد، واستبعاد المدرسين من الإشراف العلمي، أم هناك جامعات لا تأخذ بهذه المراتب الوظيفية ؟

 تعتمد الجامعات في الوطن العربي على الأستاذ والأستاذ المساعد في الإشراف على طلاب الدراسات العليا، وتستبعد المدرسين من هذه المهمة، أما في جامعات الغرب وفي إنجلترا مثلا، ” فكل ما يُفترض في الأستاذ المشرف بجامعات إنجلترا هو صلته العلمية بموضوع البحث وتخصصه وتعمقه فيه، من غير أي اهتمام باللقب الذي يحرزه لكونه مدرساً أو أستاذاً… فقد يكون الأستاذ أو الأستاذ المساعد غير متخصصن في موضوع البحث تخصص أحد المدرسين فيه (37).

 وإن بعض الجامعات هي التي، تحدد الأستاذ المشرف لبحث معين تبعاً لتخصصه العلمي وخبرته في موضوع البحث، بينما بعضها الآخر يترك للطالب حرية اختيار الأستاذ المشرف ضمن اختصاص موضوع البحث، وهذه الطريقة لها من الإيجابيات أكثر من الطريقة الأولى، لأن الطالب في الطريقة الأولى يضطر للعمل أحيانا مع أستاذ لا يتوافق نفسياً معه، … وهنا — وهذا نادراً – قد يقف الأستاذ المشرف من الطالب موقفاً عدائياً غير مشجع، فتخمد همة الطالب ويتوانى عن العمل وقد يرفض التعاون مع أستاذه المشرف ” (38)، وبعد أن اختار الطالب، أو اختير له الأستاذ المشرف، فما مسؤولية الأستاذ المشرف على البحث المقدم من الطالب للجنة المناقشة بعد الانتهاء من تحضيره ؟

 فالمشرف وإن كان مسؤولاً إلى حد ما عن بحث الطالب، وما قام به، إلا أن الطالب وحده هو المسؤول الأول والأخير عن بحثه وعن نجاحه أو إخفاقه فلا يجوز والحالة هذه، أن يلقي الطالب اللوم في حالة إخفاقه على عاتق أستاذه المشرف ليتخلى عن المسؤولية ، وما الأستاذ المشرف الا مراقب لسير البحث، يوجهه أو يصوبه إذا ارتكب خطأ، بيد أنه غير مسؤول إذا وقع على الرصيف، أو حطت به عجلات العربة “(39).

 يقدم المشرف نصائح عامة للطالب الذي صار لديه خبرة خاصة في موضوعه، فقد كرس سنوات للفكرة عابرة عند المشرف، ويبقى على الأستاذ أن يدافع بقوة عن مخطط البحث بشكل عام الذي يقدمه الطالب لمجلس القسم، أو المشرف مهما كان من استقلال في موقفه، لا بد من أن يتأثم من إخفاق طالبه أو أن يعتز بنجاحه فضلاً عن تفوقه، والذي لا يتحمل المشرف مسؤوليته هو آراء الطالب الشخصية، وموقفه الخاص والنهائي من موضوعه، وذلك احتراماً لحرية الرأي وقناعة الفكر.

 إن مرحلة الدراسات العليا هي مرحلة محاولة استقلال الطالب الباحث وبروز مميزات فكرية وعلمية خاصة به، وهنا يعود الفضل في ظهور شخصية باحث، مستقلة فكرياً للأستاذ المشرف الذي ظل مرشداً وهادياً، ومدرباً في طريق البحث العلمي، دون إلزام لطالبه كي يتبنى أفكاره وآراءه في بحثه، وهنا تبدو صورة الوالد لأبناء تختلف طرق تفكيرهم وسلوكياتهم وهم في أسرة واحدة، ومن أصل بيولوجي واحد، كذلك يظهر التفاوت العادل بين الرسائل التي يعدها طلاب متعددون ومتفاوتو المواهب والإمكانات تحت اشراف أستاذ واحد ٠

 تلك كانت واجبات المشرف نحو طالبه، فما هي واجبات الطالب نحو أستاذه ومرشده العلمي ؟

 لعل أولى واجبات الطالب نحو أستاذه، احترامه والامتثال لنصائحه إذا لم تتعارض مع بنية بحثه العلمية، واطلاعه على كل ما يعترضه من مشاكل، واحترام وقت مشرفه الثمين بحيث يضع بعد موافقة المشرف برنامجاً أو موعداً محدداً يتم فيه عرض ما استجد من نقاط البحث، ومناقشة الصعوبات التي يتعرض لها الباحث، وذلك في الجامعة أو في منزل المشرف، للتزود بالملاحظات والإرشادات اللازمة، إن شعور الطالب بأهمية الوقت الذي يقضيه مع المشرف يدفعه للحرص على استغلاله، والاستفادة منه، وإعطاء أهمية كبرى لاقتراحاته وآرائه وتوجيهاته، إذ أن هذه تمثل المساعدة الحقيقية التي يقدمها المشرف ليشق الطالب طريقه للبحث والدراسة، ولعل تحضير الأسئلة والنقاط المُشكلة مسبقا، وتدوين الإجابة حالاً بعد عرضها على المشرف مهم جدا، وكفيل بنجاح البحث وتقدمه، حيث إن الحياء أو التردد أو الخوف من سؤال المشرف أو استشارته يجب ألا يكون لها مكان في نفس الطالب، فإن المشرف لم يُوجد في مكانه إلا لمساعدة الطالب.

 وبعد: فالإشراف العلمي هو توجيه أستاذ متخصص، طالب البحث إلى المنهج العلمي في دراسة موضوع محدد، ومساعدته في عرض قضاياه ومناقشتها بكيفية علمية، والأخذ بيده للوصول إلى نتائج لا تعارض مع معايير العلم وقواعده، ولا مع صفات العالم وأخلاقه.

[1]) د/ جابر جاد نصار: المرجع السابق: ص50.

[2]) انظر: أحمد شلبي: كيف تكتب بحثاً أو رسالة ؟ مكتبة النهضة المصرية – الطبعة الرابعة والعشرون – 1997 – ص41.

[3]) انظر في هذا: د/ جابر جاد نصار: مرجع سابق: ص 52.

[4]) راجع في ذلك: أحمد عبد الكريم سلامة: المرجع – ص 48. صبري السنوسي وجمال عبد العزيز: دروس في البحث القانوني – 1998 – ص 44. أحمد شلبي: المرجع السابق – ص 41. جابر نصار: المرجع السابق: ص 55.

[5]) د. عبد الوهاب إبراهيم ابو سلمان، كتابة البحث العلمي، ص، 24.

[6]) انظر في ذلك المعنى أيضاً: د/ جابر نصار: المرجع السابق: ص 56 -57.

[7]) انظر: د/ جابر نصار: المرجع السابق: ص 58.

[8]) انظر في هذا: د. أحمد شلبي: المرجع السابق: ص، 10-12.

[9]) دائماً وأبداً في مجال البحث العلمي، توجد تعقيدات خلافية، تدور حول الكثير من نوعيات التناول العلمي؛ من حيث البحث عن جديد، مناقشة وتفنيد ما هو قائم ومعروف من حقائق علمية للتعديل أم التنقيح، للإثبات أو النفي، للربط بين عوامل مختلفة تؤثر في مُتغير ما، إعادة إثبات أو نفي حقائق مُعينة أو إثراء هذه الحقائق، حتى في تطبيق المسميات العلمية وتناولها! فالرسالة: وجهة نظر جديدة تتناول مسألة موجودة فعلاً وقائمة؛ مثال: ” الإعجاز العلمي في تفسير القرآن في ما يتناول موضوع……..”، فهناك حقائق علمية تم إثباتها حديثاً وأصبحت واقعاً مُعترفًا به من الجميع، فيقوم الباحث بحشد كل ما هو متاح من معرفة حديثة لتعضيد وجهة النظر التي يسعى لإثباتها بأسلوب النظرية، المعطيات، الإفتراضات، الاستدلالات، ثم البرهان.

[10]) انظر: د. إميل يعقوب: كيف تكتب بحثاً أو منهجية البحث، ص، 35-37

[11]) انظر: د. عبد الوهاب إبراهيم ابو سلمان: المرجع السابق: ص، 32.

37)انظر: د. أحمد شلبي: المرجع السابق: ص، 17.

[13]) د. أحمد شلبي: المرجع السابق: ص، 64.

[14]) د. أحمد شلبي: المرجع السابق: ص، 65-66.

 قد اعتاد بعض الباحثين، أو بعض طلاب العلم في المراحل الجامعية الأولى، على عدم التفريق بين المصدر والمرجع، أو المصدر الرئيس والمصدر الثانوي، ففي اللغة: المصدر هو: المنهج أو الأصل، وهو مشتق من الصدر، أو الصدارة في كل شيء. أي: تعني الأهمية والموقع المتقدم.

 وفي نطاق هذا الفصل يجدر بنا أن نبين كيفية الرجوع إلى المراجع والمصادر للحصول عليها من المعلومات والبيانات وضوابط هذا الرجوع وذلك كما يلي:

 تتبدى أهمية تجميع المعلومات والبيانات وتدوينها في أنها تعطي الباحث المادة الخام التي سوف يصنع منها بحثه. وبقدر وفرة المعلومات والبيانات وتغطيتها لكل جوانب الرسالة بقدر ما يسهل على الباحث إتمام بحثه بصورة جيدة.

 ولما كانت كيفية الرجوع إلى هذه المراجع يرتبط أساساَ بنوع هذه المراجع. فإنه يجدر بنا بيان هذه الأنواع. وبعد ذلك نبين كيفية تدوين هذه المعلومات. وذلك كما يلي:

 تأتي أدوات البحث العلمي في مرحلة لاحقة لتحديد موضوعه، ووضع خطة مبدئية لموضوع البحث؛ وفقاً للقواعد والأسس التي سبق وحددناها. وأدوات البحث العلمي هي مفترض ثابت في كل الأبحاث. فمن الصعوبة بمكان القيام ببحث علمي دون وجود هذه الأدوات. وإذا كانت أدوات البحث متوافرة لكل الباحثين فإن قدرة الباحثين على استخدام هذه الأدوات تتفاوت بتفاوت إمكانياتهم وقدراتهم على الفهم والتمحيص. ذلك أن البحث العلمي هو في حقيقته مهنة أو حرفة أو مهارة وليس وظيفة. ويبقى إجادة الباحث لمفردات هذه المهنة مرتبطا إلى حد كبير بقدراته الشخصية وسعة اطلاعه وقدرته على الترتيب والتنظيم، وتحليل المعلومات التي يحصل عليها.

 وسوف نتناول أدوات البحث العلمي وفق ترتيب العمليات التي يقوم بها الباحث في استخدام هذه الأدوات. فهذا الاستخدام يبدأ بتحديد المراجع المتصلة بموضوع البحث. ثم يقوم بتجميع المعلومات التي تتصل بموضوعه من هذه المراجع. وأخيراً يقوم بترتيب هذه المعلومات وتدوينها وفق اسس علمية محددة توطئة للاستفادة بها.

 وترتيباً على ذلك فسوف نقسم الفصل إلى ثلاثة مباحث كما يلي:

المبحث الأول: تحديد المراجع المتصلة بموضوع البحث.

المبحث الثاني: تجميع المعلومات.

وذلك على الوجه التالي:

سبق أن علمنا أن الخطوة الأولى في البحث تتضمن تحديد موضوع البحث، ووضع خطة مبدئية له. يعقب ذلك تحديد المراجع التي تتصل بموضوع البحث. وإذا كان الباحث أثناء اختيار موضوع البحث ووضع خطة مبدئية له يطلع على بعض هذه المراجع بصورة سريعة، فإن الخطوة التي نحن بصدد بحثها تختلف تماماً عن ذلك، فهذه الخطوة تتضمن حصر وتحديد المراجع المتصلة بالبحث.

وهي مرحلة تتسم بالدقة والصعوبة، إذ تقتضي من الباحث أن يطلع على مراجع شتى وفي أماكن كثيرة. وعليه أن ينقب فيها ويبحث عما يفيده من هذه المراجع في موضوع بحثه.

وتهدف المراجع إلى توفير المعلومات والبيانات التي سوف يستخدمها الباحث في صناعة بحثه. فهي المواد الأولية التي سوف يواجه بها موضوع البحث. وهى مصادر معلوماته وبياناته. وعلى ذلك فإنه بقدر هذه المصادر والمعلومات التي تأتي منها ما يأتي البحث منضبطاً وسليماً في أساسه العلمي وفروضه، وما يرتبه من نتائج([1]).

ومراجع البحث ومصادره ومعلوماته متعددة. إلا أنها تتكاتف لتأدية وظيفة واحدة. وهي توفير المعلومات والبيانات للباحث. ولذلك يستطيع الباحث ومعه الأستاذ المشرف أن يحدد أياً من هذه المصادر أنفع له في تحقيق هدفه.

وتأتي المكتبة وما تحويه من كتب في مقدمة هذه المصادر. فضلاً عن ذلك توجد الوسائل الميدانية والوسائل التكنولوجية الحديثة التي يتبعها الباحث للحصول على المعلومات والبيانات اللازمة لبحثه. وسوف نتناول كل هذه المصادر بالتفصيل كما يلي:

[1]) د/ جابر جاد نصار: مرجع سابق، ص 96.

قبل الدخول الفعلي في مرحلة الكتابة، يجب على الباحث أن يعرف القواعد الأساسية للكتابة. ولذلك سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين: نتناول في المطلب الأول: قواعد الكتابة. وفي المطلب الثاني: مراحل الكتابة.