المبحث الثاني: تصحيح الأخطاء المادية بحكم التحكيم
أهمية التصحيح:
إذا وقع في حكم التحكيم خطأ مادي بحت كتابيًا كان، أو حسابيًا، وجب الرجوع إلى من أصدر الحكم لتصحيحه.
وقد أجمعت تشريعات التحكيم العربية على ذلك، وقد قضت المادة 50 من قانون التحكيم المصري بأن:
تتولى هيئة التحكيم تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية، أو حسابية، وذلك بقرار إما أن تصدره من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أحد الخصوم، وتجري هيئة التحكيم التصحيح من غير مرافعة خلال الثلاثين يومًا التالية لتاريخ صدور الحكم، أو إيداع طلب التصحيح بحسب الأحوال.
ويصدر قرار التصحيح كتابة من هيئة التحكيم، ويعلن إلى الطرفين خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدوره، وإذا تجاوزت هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح جاز التمسك ببطلان هذا القرار بدعوى بطلان وفقًا لأحكام المادتين 53، 54.
الخطأ الذي يجوز تصحيحه:
الخطأ الذي يجوز تصحيحه، هو الخطأ في التعبير، وليس الخطأ في التقدير.
ويستوى أن يقع الخطأ المادي من منطوق الحكم، أو في جزء من الحكم يكون مكملا للمنطوق.
تنبيه:
يجب أن يكون هذا الخطأ واضحًا.
ولا يجوز تبين الخطأ المادي، وتصحيحه من أوراق أو عناصر خارج الحكم، أو محضر الجلسة.
ملحوظة:
مجرد الخطأ المادي لا يصلح سببًا لبطلان حكم المحكمين.
إجراءات التصحيح:
تتولى هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم مهمة تصحيحه، سواء من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أحد الخصوم.
يمكن أن يقدم الطلب من المحكوم له، أو من المحكوم عليه، ولا يشترط في هذا الطلب أي شكل خاص.
لا يعلن الطلب إلى الطرف الآخر، أو يكلف هذا الاخير بالحضور أمام هيئة التحكيم؛ فالتصحيح يتم بقرار من الهيئة “من غير مرافعة”
ملحوظة:
إذا تعذر انعقاد الهيئة التي أصدرت حكم التحكيم، كما لو توفى أحد أعضاء الهيئة؛ فإنه يمكن للأطراف الاتفاق على تكملة الهيئة، للقيام بالتصحيح، أو على اختيار هيئة جديدة للقيام بهذه المهمة.
فإذا لم يتم هذا الاتفاق، فعندئذ يمكن أن يقدم طلب التصحيح بدعوى ترفع أمام محكمة أول درجة المختصة وفقًا للقواعد العامة.
ملحوظة:
إذا رفعت دعوى بطلان حكم التحكيم، يمكن لأي من الطرفين أن يطلب من المحكمة التي تنظر الدعوى، كطلب عارض، تصحيح ما شاب الحكم من خطأ مادي فتقوم المحكمة بهذا التصحيح.
ميعاد التصحيح:
يجوز تصحيح حكم التحكيم، ولو بعد انقضاء ميعاد التحكيم.
ولكن هل هناك ميعاد للتصحيح؟
قانون التحكيم المصري، ومعه أغلب التشريعات العربية فرقوا بين فرضين:
الفرض الأول:
إذا جرى التصحيح من تلقاء نفس هيئة التحكيم، دون طلب من أطراف التحكيم
في هذه الحالة يجب أن يتم التصحيح “خلال الثلاثين يومًا التالية لتاريخ صدور الحكم” مادة50/1 تحكيم. ويمكن للهيئة إذا رأت ضرورة لذلك، أن تمد هذا الميعاد ثلاثين يومًا أخرى.
ملحوظة:
ميعاد التصحيح في القانون السوري خمسة عشر يومًا، وفي القانون الإماراتي ثلاثة أشهر.
تنبيه:
لا يجوز لهيئة التحكيم تصحيح الأخطاء المادية بحكمها من تلقاء نفسها إلا خلال الميعاد الأصلي، أو الممتد.
فإذا انقضى هذا الميعاد، فقدت هيئة التحكيم سلطتها في هذا الشأن، ولا يكون لها إجرائه إلا بناء على طلب.
الفرض الثاني:
أن يجرى التصحيح بناء على طلب:
في هذه الحالة لا يتقيد الطلب بأي ميعاد، فيمكن تقديم طلب التصحيح من أي من الخصوم ما دام حكم التحكيم المطلوب تصحيحه قائمًا لم يلغ، أو ينقض بتنفيذه.
قرار التصحيح:
يصدر قرار التصحيح من هيئة التحكيم كتابة، ويوقع عليه رئيس الهيئة، وأعضائها، ويكفي توقيع الأغلبية مع إثبات سبب رفض الأقلية التوقيع.
تنبيه:
يجب على الهيئة إعلان قرار التصحيح إلى الطرفين خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدوره.
هذا الميعاد تنظيمي لا يترتب على مخالفته بطلان قرار التصحيح.
يتم إعلان قرار التصحيح وفقًا لطرق الإعلان التي تنص عليها المادة السابعة من قانون التحكيم.
تحذير
ليس لهيئة التحكيم أن تتخذ من التصحيح وسيلة للرجوع عن الحكم الصادر منها فتغير منطوقه، أو أن تستند في قرار التصحيح إلى غير البيانات الثابته في الحكم، أو محضر الجلسة، فإذا تجاوزت الهيئة سلطتها في التصحيح، أو تضمن قرار التصحيح رجوعًا عن الحكم، أو تعديلًا لمنطوقه.
عندئذ يمكن رفع دعوى أصلية ببطلان هذا القرار.
ملحوظة:
إذا تجاوزت هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح جاز التمسك ببطلان هذا القرار بدعوى بطلان تسري عليها أحكام المادتين (53\54) من قانون التحكيم، أما إذا صدر قرار برفض التصحيح فهذا القرار لا يجوز رفع دعوى أصلية ببطلانه، كما لا يجوز الطعن فيه بأي طريق.
ملحوظة:
لا يوجد ما يمنع الخصم الذي رفضت الهيئة طلبه، من طرح هذا الطلب مرة أخرى أمام المحكمة المختصة بدعوى البطلان، عند نظرها دعوى بطلان حكم التحكيم المرفوعة منه، أو من خصمه.