التحكيم في مسائل الملكية الفكرية

منازعات الملكية الفكرية

التحكيم والطبيعة القانونية للملكية الفكرية


 التحكيم في مسائل الملكية الفكرية:

مصطلح الحقوق الفكرية ينطوي تحت مظلته: كل ما ينتج عن العقل من أعمال تتضمن صفة الجِدة والابتكار والحداثة، لذا يمكن رد الحقوق التي تقع في دائرة الملكية الفكرية إلى ما يلي:

أولا: حقوق المؤلف

هذه الحقوق هي المصنفات في مجال العلوم والآداب والفنون ويقصد بحق المؤلف:"الحقوق والالتزامات التي ترد على المصنفات سواء كانت محررة، أو شفوية، أو مرئية، أم مجرد فكرة لم يتم بلورتها إلى كيانات، وإنما يوجد ما يثبت وجودها ليتمكن صاحبها من ممارسة كافة السلطات التي يتمتع بها حسب القواعد العامة للقانون والآداب العامة.

ثانيا: الحقوق الصناعية

وهذه الحقوق تشمل براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية ويقصد ببراءة الاختراع:" الشهادة التي تمنحها الدولة لصاحب الاختراع" ويقصد بالرسوم الصناعية:"كل ترتيب وتنسيق للخطوط بطريقة فنية مبتكرة تكسب السلع والبضائع رونقا جميلاً وجذاباً يشد انتباه المستهلك" ويقصد بالنماذج الصناعية:"كل شكل أو قالب أو هيكل يستخدم لصناعة السلع والبضائع بشكل يضفي عليها مظهراً خاصاً يميزها عن غيرها.

تظهر أهمية تحديد طبيعة نظام التحكيم عند بحث القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع وكذلك ما يتعلق بقرار التحكيم، وعند طلب تنفيذه، فالذين يرون أن في التحكيم نظاما ذو طبيعة تعاقدية يخضعون لقانون الإرادة ليحكم موضوع النزاع ويعتبرون قانون التحكيم مجرد اتفاق لا يخضع للتدرج القضائي الذي يعرفه الحكم بمعنى آخر إذا أعتبر التحكيم اتفاقا فلا يكون واجب التنفيذ عند عدم وجود نص إلا إذا أقرته محكمة بناء على دعوى تقدم عليها الحكم لتنفيذ مضمونة وأما الذين يصبغون على التحكيم الطبيعة القضائية فيرون في قرار المحكمين "حكما" يقترب تماما من الحكم القضائي أي اعتبروا قرار التحكيم حكما قابلا للتنفيذ بذاته ولا يحتاج الأمر لأي جهة أخرى للأمر بوضع الصيغة التنفيذية عليه. وأما هؤلاء الذين يقفون موقفا وسطا فإنهم يرون في التحكيم حكما "ذا شكل تعاقدي".

فالتحكيم إذاً تتعاقب عليه صفتان الأولى هي الصفة التعاقدية حتى تبدو واضحة في الاختيار الخصوم لقضاء التحكيم كوسيلة لفض نزاعاتهم وإحجامهم على التوجه نحو قضاء الدولة -كذلك اختيار القانون الواجب التطبيق على الإجراءات وعلى موضوع النزاع، غير أن التحكيم يغير من طبيعته التعاقدية هذه الى طبيعته القضائية بفضل تدخل قضاء الدولة عندما يلجأ الأطراف اليه -لإعطاء قرار التحكيم الصفة التنفيذية فيتحول قرار التحكيم الى حكم قضائي.

ويختلف التحكيم عن الخبرة، فالمحكم يقوم بوظيفة القضاء ويحسم النزاع بين الخصوم ورأيه يفرض عليهم - بينما الخبير لا يكلف إلا بمجرد إبداء الرأي فيما يطرح عليه من مسائل وهذا الرأي لا يلزم الخصوم، كما لا يلزم القاضي.

ويختلف التحكيم عن الصلح لأن الصلح عقد يتم بين أطراف الخصومة أنفسهم أو بمن يمثلونهم يقومون بمقتضاه بحسم خلافاتهم عن طريق نزول كل طرف عن بعض ما يتمسك به - بينما في التحكيم يقوم المحكم بمهمة القضاء - فالتحكيم اشد خطورة من الصلح لأن التجاوز عن الحق في الأخير معلوم قبل تمامه بينما في التحكيم تتعذر معرفة ما قد يمكن أن يحكم به. كما يلاحظ أن عقد الصلح غير قابل للتنفيذ في ذاته - ما لم يتم في صورة عقد رسمي او يتم امام المحكمة- بينما يصدر حكم التحكيم قابلا للتنفيذ بإتباع القواعد العامة وبعد الحصول على الأمر بتنفيذه كما أنه لا يمكن الطعن على عقد الصلح بطرق الطعن المقررة بالنسبة للحكام وأن كان قابلا للبطلان أو الفسخ ويختلف التحكيم عن الوكالة – فبينما يستمد الوكيل سلطاته من الموكل ويملك التنصل من عمل الوكيل إذا خرج عن حدود وكالته ولا يتبعه الوكيل – كقاعدة عامة الذي يمكن أن يقوم به الموكل ترى المحكم مستقلا تماما الاستقلال ولا يتمكن الأطراف من التدخل في عمله بل أن حكمه يفرض عليهم - بالرغم من الصفة الاختيارية لكل طرف باختيار محكمة وفي حالة اختيار المحكم المرجح - بمثابة مدافع عنه (وكيل بالخصومة) ومع ذلك يظل من الناحية القانونية وصفتهُ كمحكم وليس كوكيل بالخصومة.