المبحث الثالث: الحكم الإضافي
إغفال هيئة التحكيم الفصل في بعض الطلبات:
وقد أجمعت التشريعات العربية على النص على سلطة المحكم في إصدار أحكام إضافية، وقد نص على ذلك قانون التحكيم المصري في المادة 51 والتي قضت بأنه:
1ـ يجوز لكل من طرفي التحكيم، ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يومًا التالية لتسلمه حكم التحكيم إصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات قدمت خلال الإجراءات، وأغفلها حكم التحكيم، ويجب إعلان هذا الطلب إلى الطرف الآخر قبل تقديمه.
2ـ وتصدر هيئة التحكيم حكمها خلال ستين يومًا من تاريخ تقديم الطلب، ويجوز لها مد هذا الميعاد ثلاثين يومًا أخرى إذا رأت ضرورة لذلك”
بناء على ذلك
إذا صدر حكم التحكيم مغفلًا الفصل في أحد الطلبات الموضوعية المقدمة من الخصوم، جاز لكل من الطرفين أن يقدم طلب إصدار حكم إضافي في الطلب الذي أغفلت الهيئة الفصل فيه، ولو بعد انقضاء ميعاد التحكيم.
وبالتالي:
لا يجوز لمن أغفلت الهيئة الفصل في طلب له، أن يستعيض عن الطلب الإضافي، بأن يرفع دعوى بطلان الحكم بسبب هذا الإغفال.
فإغفال الفصل في طلب لا يعتبر حالة من حالات البطلان.
المقصود بالإغفال:
أن تكون الهيئة قد أغفلت سهوًا، أو خطًأ الفصل في طلب من الطلبات المقدمة لها إغفالًا كليًا، وذلك بعدم البت في عنصر من عناصر الطلب.
مثال:
إذا قدم طلب ضد طرفين ففصلت الهيئة فيه بالنسبة لأحدهما دون الآخر، أو قدم طلب استنادًا إلى عقد، واحتياطيًا إلى التقادم، فرفضته الهيئة بالنسبة للعقد، ولم تنظر مسألة التقادم.
مثال آخر:
إذا انصب الطلب على عقار وريعه، فأغفلت الهيئة النظر في طلب الريع.
ففي كل هذه الأمثلة يوجد إغفال لطلب قدم إلى الهيئة يبرر العودة إليها مرة أخرى.
المقصود بالطلبات:
الطلبات الموضوعية، فلا يوجد إغفال إذا تعلق الإغفال بطلب إجرائي، كما لو كان يتصل بإجراءات الإثبات، باستثناء طلب حلف اليمين الحاسمة،
تنبيه:
لا يوجد إغفال إذا أغفلت الهيئة الرد على إحدى حجج الخصوم، أو على أي دفع، أو دفاع، ولو تعلق بالموضوع.
يستوى أن يكون الطلب الذي أغفلت الهيئة الفصل فيه، هو طلب أصلي، أو احتياطي، أو تبعي، على أن الإغفال يجب أن ينصب على الطلبات الختامية.
ملحوظة:
تعتبر الهيئة أغفلت الطلب ما دامت لم تفصل فيه بالرفض، أو القبول، ولا يغني عن ذلك مجرد الإشارة في حكمها إلى أنها رفضت ما عدا ذلك من الطلبات؛ فعبارة رفضت ما عدا ذلك من طلبات، لاتنصرف إلا إلى الطلبات التي تكون الهيئة قد اثبتتها في حكمها وبحثتها، دون تلك التي لم تشر إليها.
طلب حكم إضافي
الحق في الطلب يكون لكل من طرفي التحكيم؛ فهو لا يقتصر على من أغفل الحكم الفصل في طلبه، وإنما أيضًا لمن كان الطلب الذي أغفل موجهًا إليه.
تنبيه:
لا يقبل الطلب من المدعي عليه فيما أغفلت الهيئة الفصل فيه، إذا لم تكن له مصلحة في الطلب.
أو إذا لم يكن قد أبدى أي دفاع موضوعي ضد الطلب.
لا يقبل الطلب الإضافي إذا كان الهدف منه إعادة مناقشة ما فصل فيه الحكم من طلبات موضوعية بقصد تعديل الحكم، ولو كان قضاؤه فيها معيبًا.
لا يقبل الطلب الإضافي إذا كان يرمي إلى الحكم في طلب لم يطرح من قبل أمام هيئة التحكيم.
إجراءات تقديم الطلب
يقدم الطلب كتابة كما تقدم الطلبات أمام هيئة التحكيم دون شكل خاص، على أن يتضمن البيانات اللازمة لتحقيق الغرض منه.
يجب أن يعلن الطلب إلى الطرف الآخر قبل تقديمه لهيئة التحكيم، ولا يوجد ما يمنع من تقديم الطلب أولًا إلى الهيئة، ثم إعلانه بعد ذلك سواء من الطالب، أو من هيئة التحكيم، أو من مركز التحكيم الذي يجري فيه التحكيم.
يتم إعلان الطلب وفقًا لما تنص عليه المادة 7 من قانون التحكيم.
يجب أن يقدم الطلب خلال ثلاثين يومًا من تاريح تسلم الطالب صورة حكم المحكمين الموقعة منهم. ويحسب الميعاد بالنسبة لكل طالب على حدة.
ملحوظة:
يبدأ الميعاد من تاريخ تسليم الطرف طالب الحكم الإضافي صورة حكم التحكيم، وليس من تاريخ صدور الحكم، أو من إعلانه.
فإذا انقضى الميعاد، سقط حق الخصم في أن يطلب من هيئة التحكيم الفصل فيما أغفلت الفصل فيه، ولو كان ميعاد التحكيم لازال ممتدًا.
يكون أي حكم يصدر من هيئة التحكيم بناء على مثل هذا الطلب حكمًا باطلًا.
ملحوظة:
عدم قبول الطلب لرفعه بعد الميعاد لا يتعلق بالنظام العام لذا يجب على الطرف الآخر الدفع به، وليس لهيئة التحكيم أن تقضي بعد القبول من تلقاء نفسها.
الفصل في الطلب:
ينظر الطلب مواجهة بين الطرفين من الهيئة بكامل تشكيلها.
فلا يجوز للهيئة نظره دون دعوة الطرفين للحضور.
لا يجوز نظره من رئيس الهيئة وحده دون باقي أعضاء الهيئة، فإذا تعذر انعقاد هيئة التحكيم لوفاة المحكم، أو أحد أعضاء الهيئة، أو قيام مانع لدية؛ فإنه يمكن للأطراف الاتفاق على تكملة هذه الهيئة، أو اختيار هيئة تحكيم جديدة.
ويمكن عندئذ الالتجاء إلى القضاء لتكملة هيئة التحكيم إذا امتنع أيًا من الأطراف عن اختيار المحكم.
ميعاد صدور الحكم
يجب على الهيئة إصدار حمكها في الطلب خلال ستين يومًا من تاريخ تقديم الطلب، وللهيئة مد هذا الميعاد ثلاثين يومًا أخرى قبل انقضاء الميعاد الأصلي.
فإذا انقضى الميعاد سواء الأصلي، أو الجديد فقدت الهيئة سلطة الفصل في الطلب، فإن هي تجاوزته كان حكمها باطلًا.
ملحوظة:
تجاوز الميعاد الذي يجب على الهيئة إصدار حكمها فيه لا يمنع ذي الشأن من رفع طلبه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع وفقًا للقواعد العامة، أو إلى نفس هيئة التحكيم، أو هيئة تحكيم أخرى في خصومة تحكيم جديدة، إذا كان اتفاق التحكيم لا زال قائمًا.
ويخضع الحكم الصادر من هيئة التحكيم فيما أغفلت الفصل فيه، من حيث صدوره، وإعلانه، ودعوى بطلانه، وتنفيذه، لما تخضع له أحكام التحكيم.